الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٥٠٨
واختلفوا في سجود التلاوة فقال أبو حنيفة وأصحابه هو واجب وقال مالك والشافعي والأوزاعي والليث هو مسنون وليس بواجب 454 وذكر مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن عمر بن الخطاب قرأ سجدة وهو على المنبر يوم الجمعة فنزل وسجد وسجد الناس معه ثم قرأها الجمعة الأخرى فتهيأ الناس للسجود فقال على رسلكم إن الله لم يكتبها علينا إلا أن نشاء فلم يسجد ومنعهم أن يسجدوا وذكر عبد الرزاق عن بن جريج قال أخبرني بن [أبي] مليكة عن عثمان بن عبد الرحمن عن ربيعة بن عبد الله بن الهدير أنه حضر عمر بن الخطاب يوم جمعة فقرأ على المنبر سورة النحل حتى إذا جاء السجدة سجد وسجد الناس معه حتى إذا كانت الجمعة القابلة قرأها حتى إذا جاء السجدة قال يا أيها الناس إنا نمر بالسجود فمن سجد فقد أصاب وأحسن ومن لم يسجد فلا إثم عليه وقال ولم يسجد عمر قال وأخبرنا بن جريج عن نافع عن بن عمر قال لم يفرض علينا السجود إلا أن نشاء قال أبو عمر هذا عمر وبن عمر ولا مخالف لهما من الصحابة فلا وجه لقول من أوجب سجود التلاوة فرضا لأن الله لم يوجبه ولا رسوله ولا اتفق العلماء على وجوبه والفرائض لا تثبت إلا من الوجوه التي ذكرنا أو ما كان في معناها وبالله توفيقنا وقال مالك ليس العمل على أن ينزل الإمام إذا قرأ السجدة على المنبر فيسجد وقال الشافعي لا بأس بذلك قال أبو عمر يحتمل قول مالك على أنه أراد يلزمه النزول للسجود لأن عمر مرة سجد ومرة لم يسجد وأما قوله لا ينبغي لأحد يقرأ من سجود القرآن شيئا بعد صلاة الصبح ولا بعد صلاة العصر وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع
(٥٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 503 504 505 506 507 508 509 510 511 512 513 ... » »»