الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٤٦
وأبو بصرة اسمه جميل بن بصرة على اختلاف عنه قد ذكرته عند ذكري له في كتاب الصحابة وروى القعبني عن الدراوردي عن زيد بن أسلم عن المقبري عن أبي هريرة أنه خرج إلى الطور يصلي فيه ثم أقبل فلقي جميل بن بصرة الغفاري فذكر الحديث على ما ذكرناه في التمهيد من طرق وفي قول عبد الله بن سلام كذب كعب ثم قال صدق كعب دليل على ما كان القوم عليه من إنكار ما يجب إنكاره والإذعان إلى الحق والرجوع إليه والاعتراف به ومعنى قوله كذب كعب أي غلط كعب وكذلك هو معروف للعرب في أشعارها ومخاطباتها فمن ذلك قول أبي طالب (كذبتم وبيت الله يبزى محمد * ولما نطاعن دونه ونناضل (1)) ألا ترى أن هذا ليس من باب الكذب الذي هو ضد الصدق إنما هو من باب غلط الإنسان فيما يظنه فكأنه قال كذبكم ظنكم ومثل هذا قول زفر بن الحارث العبسي (كذبتم وبيت الله لا تقتلونه * ولما يكن يوم أغر محجل (2)) وقال بعض شعراء همدان (كذبتم وبيت الله لا تأخذونها * مراغمة ما دام للسيف قائم (3)) ومن هذا ما رواه حماد بن زيد عن أيوب قال سألت سعيد بن جبير عن الرجل يأذن لعبده في التزويج بيد من الطلاق قال بيد العبد قال إن جابر بن زيد يقول بيد السيد قال كذب جابر ومن هذا قول عبادة كذب أبو محمد فمعنى قول عبد الله بن سلام كذب كعب أي أخطأ ظنه وقوله صدق كعب أي أصاب
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»