الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٤٥
وحديث شعبة عن إبراهيم بن ميسرة قال أخبرني من أرسله عمرو بن أوس إلى أبي هريرة يسأله عن الساعة التي في يوم الجمعة فقال هي بعد العصر وشعبة عن الحكم عن بن عباس مثله وشعبة عن يونس بن خباب عن أبي هريرة مثله وجرير عن ليث عن مجاهد وطاوس عن أبي هريرة أنه قال في الساعة التي في يوم الجمعة بعد العصر حتى تغرب الشمس أو بعد الصبح حتى تطلع الشمس قال وكان طاوس إذا صلى العصر لا يكلم أحدا ولا يلتفت مشغولا بالدعاء والذكر حتى تغيب الشمس وقد ذكرنا هذه الأحاديث بأسانيدها في التمهيد وذكرنا هناك عن عبد الله بن سلام وكعب هذه الساعة التي خلق الله فيها آدم وهي آخر ساعة من يوم الجمعة بالإسناد الحسن عنهما أيضا وعن طاوس أن الساعة من يوم الجمعة التي تقوم فيها الساعة والتي أنزل فيها آدم والتي لا يدعو فيها المسلم بدعوة صالحة إلا استجيب له من حين تصفر الشمس إلى حين تغيب وأما قوله فقال كعب هي في كل سنة مرة فقلت بل في كل جمعة ثم قرأ كعب التوراة فقال صدق رسول الله ففيه دليل على أن العالم يخطئ وأنه ربما قال على أكثر ظنه فيخطئه ظنه وفيه أن من سمع الخطأ وهو يعلمه ينكره ويرد على من سمعه منه إذا كان عنده في رده أصل صحيح يركن إليه كما صنع أبو هريرة في إنكاره على كعب وفيه أن العالم إذا رد عليه قوله طلب التثبت فيه والوقوف على صحته حيث رجاه في مظانه ومواضعه حتى يصح له أو يصح قول مخالفه فينصرف إليه وفه دليل على أن الواجب على كل من سمع الحق وعرفه الانصراف إليه وأما قوله عن أبي هريرة في هذا الحديث فلقيت بصرة بن أبي الغفاري إلى آخر قصته معه فهكذا في الموطأ بصرة بن أبي بصرة لم يختلف عن مالك في ذلك ولا عن يزيد بن الهادي فيما علمت وأما غير مالك وغير شيخه يزيد بن الهادي فإنهم يقولون في هذا الحديث فلقيت أبا بصرة الغفاري
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»