الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٣٠٣
ومن صدق الإيمان وبره أن يخلو الرجل بالمرأة الجميلة ويدعها لا يدعها إلا لله عز وجل وأما قوله فذلكم الرباط فإن الرباط ها هنا ملازمة المسجد لانتظار الصلاة وذلك معروف في اللغة قال صاحب العين الرباط ملازمة الثغور قال والرباط ملازمة الصلاة وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن في قول الله عز وجل " يا أيها الذي ءامنوا اصبروا وصابروا ورابطوا " [آل عمران 200] قال ما كان الرباط على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن نزلت في انتظار الصلاة بعد الصلاة وقال محمد بن كعب القرظي في ذلك اصبروا على دينكم وصابروا الوعد الذي وعدتكم ورابطوا عدوي وعدوكم حتى يترك دينه لدينكم واتقوا فيما بيني وبينكم لعلكم تفلحون قال أبو عمر قوله عز وجل * (لعلكم تفلحون) * أي إلي تفلحون وقال قتادة صابروا المشركين ورابطوا في سبيل الله وقد ذكرنا الأسانيد بذلك عنهم في التمهيد وذكرنا فيه من حديث سعيد بن المسيب عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إسباغ الوضوء في المكاره وإعمال الأقدام إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة تغسل الخطايا غسلا 356 وذكر مالك في هذا الباب أنه بلغه عن سعيد بن المسيب أنه قال يقال لا يخرج أحد من المسجد بعد النداء إلا أحد يريد الرجوع إليه إلا منافق وهذا كما قال سعيد بن المسيب إذا كان ممن لا يصلي تلك الصلاة في جماعة وخرج مشتغلا لها أبيا لإقامتها فهذا لا شك في كفره ونفاقه وقد ذكر مالك رحمه الله قال دخل أعرابي المسجد وأذن المؤذن فقام يحل عقال ناقته ليخرج فنهاه سعيد بن المسيب فلم ينته فما سارت به ناقته إلا يسيرا حتى وقصت به فأصيب في جسده فقال سعيد بلغني أن من خرج من الأذان والإقامة لغير الوضوء فإنه شيطان
(٣٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 298 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 ... » »»