الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ١٩٧
وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مناديه فنادى أن لا يحج هذا العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان (1) وقد ذكرنا الإسناد بذلك في غير هذا المكان قال أبو عمر استدل من جعل ستر العورة من فرائض الصلاة بالإجماع على إفساد من ترك ثوبه وهو قادر على الاستتار به وصلى عريانا وقال آخرون ستر العورة فرض عن أعين المخلوقين لا من أجل الصلاة وستر العورة سنة مؤكدة من سنن الصلاة ومن ترك الاستتار وهو قادر على ذلك وصلى عريانا فسدت صلاته وكما تفسد صلاة من ترك الجلسة الوسطى عامدا وإن كانت مسنونة ولكلا الفريقين اعتلال يطول ذكره والقول الأول أصح في النظر وأصح أيضا من جهة الأثر وعليه الجمهور واختلف العلماء في العورة من الرجل ما هي فقال الشافعي وأبو حنيفة وأصحابهما والأوزاعي وأبو ثور ما دون السرة إلى الركبة عورة وقال الشافعي ليست السرة ولا الركبتان من العورة وقال أبو حنيفة الركبة عورة وكذلك قال عطاء وحكى بن حامد الترمذي أن للشافعي في السرة قولين واختلف المتأخرون من أصحابه في ذلك أيضا على ذينك القولين فطائفة منهم قالت السرة من العورة وطائفة قالت السرة ليست بعورة قال وأكره للرجل أن يكشف فخذه بحضرة زوجته وهذا ما لا أعلم أن أحدا قاله غيره وقال بن أبي ذئب العورة من الرجل الدبر والقبل دون غيرهما وهو قول داود وأهل الظاهر وقول بن علية والطبري
(١٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 ... » »»