الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ١٦٢
ولو استدل مستدل على سقوط فرض الجماعة وأنها مستحبة وسنة لا فريضة بهذه لآثار كلها وما كان مثلها عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم عن أصحابه فإنهم لم يقولوا لأحد ممن سألهم في إعادة الصلاة مع الإمام وقد صلى وحده بئس ما فعلت إذ صليت وحدك وكيف تصلي وحدك ولا صلاة لمن صلى وحده بل جميعهم سكت له عن ذلك وندبة إلى إعادة الصلاة للفضل لا لغيره والله يمن على من يشاء بفضله وتوفيقه وما قوله سهم جمع فقال بن وهب يضعف له الأجر قال أبو عمر هذا التأويل أشبه عندي من قول من قال إن الجمع هنا الجيش وإن له أجر الغازي وأجر الغزاة في سبيل الله وإن ذلك مأخوذ من قوله تعالى " فلما ترءا الجمعان الشعراء 61] يعني الجيشين وقول بن وهب في ذلك أصوب وقد ذكرنا في التمهيد الخبر عن المنذر بن الزبير أنه أوصى في وصيته فقال لفلان كذا ولفلان كذا ولفلان سهم جمع قال مصعب بن عبد الله فسألت عبد الله بن المنذر ما يعني بسهم جمع قال نصيب رجلين وهذا يشهد لما قاله بن وهب وهو المعروف عن فصحاء العرب والله أعلم ((4 باب العمل في صلاة الجماعة " 269 ذكر فيه مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا صلى أحدكم بالناس فيخفف فإن فيهم الضعيف والسقيم والكبير وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء في هذا الحديث أوضح الدلائل على أن أئمة الجماعة يلزمهم التخفيف لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم بذلك ولا يجوز لهم التطويل لأن في الأمر لهم بالتخفيف نهيا عن التطويل وقد بان في هذا الحديث العلة الموجبة للتخفيف وهي عندي غير مأمونة على
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»