الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ١٣٨
وكذلك قوله لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد لا يثبت مرفوعا ولو صح كان معناه الكمال كما قال لا إيمان لمن لا أمانة له (1) ولا يزني الزاني وهو مؤمن (2) وقد بينا هذا المعنى في التمهيد والحمد لله قال أبو عمر لا يخلو قوله صلى الله عليه وسلم صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ من أحد ثلاثة أوجه إما أن يكون المراد بذلك صلاة النافلة أو يكون المراد بذلك من تخلف من غير عذر أو يكون المراد بذلك من تخلف من غير عذر وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة (3) فعلمنا بذلك أنه لم يرد بحديث هذا الباب صلاة النافلة لأنه قد فضل صلاة المنفرد في بيته وكذلك لما قال صلى الله عليه وسلم من كان له صلاة بليل فغلبه عليها نوم كتب له أجر صلاته وكان نومه عليه صدقة وقال صلى الله عليه وسلم إذا شغل العبد عن عمل كان يعمله مرض ابتلاه الله به كتب له أجر ذلك العمل ما دام في وثاق مرضه (4) ومثل هذا كثير قد ذكرناه فيما مضى من هذا الكتاب علمنا بذلك أن من تخلف من عذر فلم يدخل في معنى الحديث وإذا بطل هذان الوجهان صح أن المراد بذلك هو المتخلف عما ندب إليه وجب وجوب سنة عليه بغير عذر وعلمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفاضل بينهما إلا وهما جائزان إلا أن أحدهما أفضل من الآخر
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»