الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ١٠٨
ظاهر هذا الحديث أن صلاة الليل مثنى مثنى دون صلاة النهار ويحتمل أن يكون جوابه صلى الله عليه وسلم خرج على سؤال السائل فاقتصر به على جوابه عن ما سأل عنه كأنه قال له يا رسول الله صلاة الليل فقال مثنى مثنى وبقيت صلاة النهار موقوفة على الدليل محتملة للتأويل لأنه جائز أن يكون جوابه له لو سأله عن صلاة النهار كذلك أيضا وجائز أن يكون بخلافه فلما روى علي الأزدي عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الليل والنهار مثنى مثنى بان المراد فيما وصفنا مع ما قدمنا ذكره قبل هذا الباب من قول بن عمر صلاة الليل والنهار مثنى مثنى وفتواه فبان بذلك أن المسكوت عنه في هذا الحديث هو بمعنى المذكور وأن النهار والليل في صلاة النافلة سواء مثنى مثنى وقد تقدم ما يكفي في هذا المعنى وروي هذا الحديث عن بن عمر جماعة منهم نافع وعبد الله بن دينار وسالم وطاوس وأبو سلمة بن عبد الرحمن ومحمد بن سيرين وحبيب بن أبي ثابت وحميد بن عبد الرحمن وعبد الله بن شقيق كلهم قال فيه عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الليل مثنى مثنى لم يذكر النهار وذكره علي الأزدي عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم والمعنى عندنا في ذلك ما وصفنا وبالله التوفيق واختلف الفقهاء في صلاة التطوع بالنهار والليل فقال مالك والليث بن سعد والشافعي وبن أبي ليلى وأبو يوسف ومحمد بن الحسن صلاة الليل والنهار مثنى مثنى وهو قول أحمد بن حنبل وأبي ثور وداود وقال أبو حنيفة والثوري صل ما شئت بعد أن تقعد في كل ركعتين وهو قول الحسن بن حي وقال الأوزاعي صلاة الليل مثنى مثنى وصلاة النهار أربع ركعات وهو قول إبراهيم النخعي رواه سيعد بن أبي عروبة عن أبي معشر عن إبراهيم قال صلاة الليل مثنى مثنى وصلاة النهار أربع ركعات إن شاء لا يسلم إلا في آخرهن وهو قول يحيى بن سعيد الأنصاري
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»