الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٢١١
وأما المسح على الرأس فقد تقدم القول فيه مستوعبا في حديث عمرو بن يحيى المازني من حديث عبد الله بن زيد بن عاصم وأما المسح على العمامة فاختلف أهل العلم في ذلك واختلفت فيه الآثار فروي عن النبي - عليه السلام - أنه مسح على عمامته من حديث عمرو بن أمية الضمري وحديث بلال وحديث المغيرة بن شعبة وحديث أنس وكلها معلومة وقد خرج البخاري في الصحيح عنده عن عمرو بن أمية الضمري وقد ذكرنا إسناده والعلة فيه ببيان واضح في كتاب ((الأجوبة عن المسائل المستغربة من كتاب البخاري)) فمن أراد الوقوف على ذلك تأمله هناك والحمد لله وروي عن جماعة من السلف من الصحابة والتابعين ذكرهم المصنفون بن أبي شيبة وعبد الرزاق وبن المنذر أنهم أجازوا المسح على العمامة وبه قال الأوزاعي وأبو عبيد القاسم بن سلام وأحمد وإسحاق وأبو ثور للآثار الواردة في ذلك وقياسا على الخفين ولأن الرأس والرجلين عندهم ممسوحان ساقطان في التيمم واختلاف هؤلاء فيمن مسح على العمامة ثم نزعها كاختلافهم فيمن مسح على الخفين ثم نزعهما واختلفوا إذا انحل كور (1) منها أو كوران بما لم أر لذكره وجها ها هنا وقالت طائفة من هؤلاء يجوز مسح المرأة على الخمار ورووا عن أم سلمة زوج النبي - عليه السلام - أنها كانت تمسح على خمارها وأما الذين لم يروا المسح على العمامة ولا على الخمار فعروة بن الزبير والقاسم بن محمد والشعبي والنخعي وحماد بن أبي سليمان وهو قول مالك وأبي حنيفة والشافعي وأصحابهم وفي الموطأ سئل مالك عن المسح على العمامة وعلى الخمار فقال لا ينبغي أن يمسح الرجل ولا المرأة على عمامة ولا خمار وليمسحا على رؤوسهما والحجة لمالك ومن قال بقوله - ظاهر قوله تعالى * (وامسحوا برؤوسكم) * [المائدة 6] ومن مسح على العمامة فلم يمسح برأسه وقد أجمعوا أنه لا يجوز مسح الوجه في التيمم على حائل دونه فكذلك الرأس
(٢١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 ... » »»