الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٢٠٣
روى هذا الحديث بن وهب عن مالك فذكر فيه الرجلين كما ذكر اليدين ولم يذكر الرجلين في هذا الحديث عن مالك غيره وفي رواية يحيى عن مالك وطائفة (بطشتهما) على التثنية وكذلك في رواية بن وهب (بطشتهما) رجلاه وفي ذلك ما لا يخفي من الوهم وأما قوله ((العبد المسلم)) أو ((المؤمن)) فهو شك من المحدث من مالك أو غيره وأما قوله ((مع الماء)) أو ((مع آخر قطر الماء)) فهو شك من المحدث أيضا ولا يجوز أن يكون ذلك من النبي - عليه السلام - وإنما حمل المحدث على ذلك التحري لألفاظ النبي صلى الله عليه وسلم والله أعلم وقد أوضحنا في كتاب العلم اختلاف العلماء في الإتيان بألفاظ الحديث دون معناه وبمعناه دون ألفاظه والمؤمن والمسلم عندنا واحد لقوله تعالى * (فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين) * [الذاريات 35 36] وقد تنازع العلماء في هذا المعنى وستراه في موضعه من هذا الكتاب إن شاء الله وفي هذا الحديث تكفير الخطايا بالوضوء وأن أعمال البر تكفر الذنوب بها وهو معنى قول الله تعالى " إن الحسنات يذهبن السيئات " وقد مضى ذلك قبل هذا والحمد لله 55 - مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك أنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحانت (1) صلاة العصر فالتمس الناس وضوءا (2) فلم يجدوه فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء في إناء فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الإناء يده ثم أمر الناس يتوضؤون منه (3) قال أنس فرأيت الماء ينبع (4) من تحت أصابعه فتوضأ الناس حتى توضؤوا من عند آخرهم جاء في هذا الحديث تسمية الماء وضوءا ألا ترى إلى قوله ((فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء في إناء)) والوضوء بفتح الواو هو الماء والوضوء بالضم المصدر
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»