الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٥٩
وقد اختلف الفقهاء في معنى هذا الحديث فقالت طائفة منهم أراد بقوله ذلك أنه أدرك وقتها حكي عن داود بن علي وأصحابه قالوا إذا أدرك الرجل من الظهر أو العصر ركعة وقام فصلى الثلاث ركعات فقد أدرك الوقت في جماعة وثوابه على الله تعالى قال أبو عمر هؤلاء قوم قد جعلوا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ((من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة)) في معنى قوله ((من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر ومن أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع فقد أدرك الصبح)) وليس كما ظنوا لأنهما حديثان لكل واحد منهما معنى على ما بيناه في كتابنا هذا وفي ((التمهيد)) أيضا والحمد لله وقال آخرون من أدرك ركعة من الصلاة في جماعة فقد أدرك فضل الجماعة لأن صلاته صلاة جماعة في فضلها وحكمها واستدلوا على ذلك من أصولهم بأنه لا يعيد في جماعة من أدرك ركعة من صلاة الجماعة وقال آخرون معنى الحديث أن مدرك ركعة من الصلاة مدرك لحكمها كله وهو كمن أدرك جميعها فيما يفوته من سهو الإمام وسجوده لسهوه وإن لم يدركه معه وأنه لو أدرك وهو مسافر ركعة من صلاة المقيم لزمه حكم المقيم في الإتمام ونحو هذا من حكم الصلاة وهذا قول مالك وأصحابه والحديث يقتضي عمومه وظاهره أن مدرك ركعة من صلاة الإمام مدرك للفضل والوقت والحكم إن شاء الله وإن لم يدرك الركعة بتمامها فلم يدرك حكم الصلاة وأما الفضل فإن الله يتفضل بما يشاء على من يشاء والفضل فضله يؤتيه من يشاء وإذا كان الذي ينام عن صلاته بالليل يكتب له أجر صلاته والذي ينوي الجهاد فيحبسه العذر يكتب له أجر المجاهد والمريض يكتب له ما كان يعمله صحيحا ومنتظر الصلاة في صلاة فأين مدخل النظر ها هنا وقد وردت آثار عن النبي صلى الله عليه وسلم فيمن توضأ فأحسن وضوءه ثم راح فوجد الناس قد صلوا أنه يعطيه أجر من صلاها وحضرها قد ذكرناها في ((التمهيد)) وذكرنا هناك عن أبي هريرة وهو الذي روى حديث ((من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة - أنه قال إذا انتهى إلى القوم وهم قعود في صلاتهم فقد دخل في التضعيف وإذا انتهى إلى القوم وقد سلم الإمام ولم يتفرقوا فقد دخل في التضعيف
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»