الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٥٠
ومن تأول على عمر إباحة النوم قبل العشاء فقد جهل ويدلك على ذلك دعاؤه على من نام قبل أن يصلي العشاء وألا تنام عينه فكرر ذلك ثلاثا مؤكدا وأما الصبح فقد قدمنا أنه كان من مذهبه ومذهب أبي بكر التغليس بالصبح ويشهد لذلك قوله ((والنجوم بادية مشتبكة)) وهذا على إيضاح الفجر لا على الشك فيه لإجماع المسلمين على أن من صلى وهو شاك في الفجر فلا صلاة له وأما تأويل أصحابنا في حديث عمر هذا إلى عماله أنه أراد مساجد الجماعات فلحديث مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي موسى الأشعري ((أن صل الظهر إذا زاغت الشمس)) (1) فهذا على المنفرد لئلا يتضاد خبره أو يكون على الإعلام بأول الوقت ليعلم بذلك رعيته وأهل العلم لا يرون النوم قبل العشاء ولا الحديث بعدها وقد رخص فيه قوم وسيأتي هذا المعنى مجودا في موضعه إن شاء الله وقد ذكر الساجي أبو يحيى قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم الشهيدي قال حدثنا حفص عن أشعث عن كردوس قال خرج بن مسعود وأبو مسعود وحذيفة وأبو موسى من عند الوليد وقد تحدثوا ليلا طويلا فجاؤوا إلى سرة المسجد فتحدثوا حتى طلع الفجر قال أبو عمر هذا معناه عندي أن تكون ضرورة دعتهم إلى هذا في حين شكوى أهل الكوفة بالوليد بن عقبة وابتداء طعنهم على عثمان وقد جاء في الحديث ((لا سمر بعد العشاء إلا لمصل أو مسافر أو دارس علم)) (2) وما كان في معنى هذه الثلاثة مما لا بد منه فله حكمها والأصل في هذا حديث أبي المنهال سيار بن سلامة عن أبي برزة الأسلمي قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوخر العشاء التي تدعونها العتمة ويكره النوم قبلها)) (3) والحديث بعدها رواه عن أبي المنهال شعبة وعوف وغيرهما ومن هذا الباب قول حذيفة جدب لنا عمر السمر بعد العتمة يعني عابه علينا كذلك شرحه أبو عبيدة وغيره
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»