الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٤٣
قضاء فإن لم تحض حتى غابت الشمس فعليها القضاء قال ولو طهرت قبل غروب الشمس واشتغلت بالغسل مجتهدة غير مفرطة حتى غابت الشمس لم تقض شيئا وروى الوليد بن مزيد عن أبيه عن الأوزاعي معنى قول مالك هذا في الحائض سواء وقال الشافعي إذا طهرت الحائض قبل مغيب الشمس بركعة أعادت الظهر والعصر وكذلك إن طهرت قبل الفجر بركعة أعادت المغرب والعشاء واحتج بقول النبي - عليه السلام - ((من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر)) (1) ولجمعه - عليه السلام - بين الصلاتين في أسفاره وبعرفة والمزدلفة في وقت إحداهما - صلاتي الليل وصلاتي النهار وجعل الوقت لهما معا وقتا واحدا وللشافعي في هذه المسألة أقوال أحدها هذا والثاني مثل قول مالك مراعاة ركعة للعصر وأربع ركعات للظهر وأربع ركعات للمغرب والعشاء وما دون ذلك للعشاء والقول الثالث قاله في المغمى عليه إذا أفاق وقد بقي عليه من النهار مقدار ما يكبر تكبيرة الإحرام أعاد الظهر والعصر وكذلك إن أفاق قبل طلوع الفجر بقدر تكبيرة قضى المغرب والعشاء وكذلك الصبح قبل طلوع الشمس والقول الأول أشهرها عنه وعنده أنه لا تعيد الحائض ولا المغمى عليه إلا ما أدركا وقته وما فات وقته فلا إعادة فيه عليهما ولا على من جرى مجراهما كالكافر يسلم والصبي يحتلم فأقل إدراك يكون لمن لم يدرك إلا مقدار تكبيرة وقال فيمن ذهب عقله فيما لا يكون به عاصيا قضى كل صلاة فاتته على حال زوال عقله وذلك مثل السكران وشارب السم لا السكران عامدا لذهاب العقل قال أبو عمر قوله - عليه السلام - ((من أدرك ركعة)) يقتضي فساد قول من قال من أدرك تكبيرة لأن دليل الخطاب أنه من لم يدرك من الوقت مقدار ركعة فقد فاته ومن فاته فقد سقطت عنه صلاة الوقت إذ كان مثل الحائض والمغمى عليه ومن كان مثلهما وما احتج به بعض أصحاب الشافعي لهذه القولة حيث قال إنما أراد - عليه
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»