الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٢٥٨
وذكر الزعفراني عن الشافعي قال لو ثبت حديث معبد بن نباتة في القبلة لم أر فيها شيئا ولا في اللمس ولا أدري كيف معبد بن نباتة هذا فإن كان ثقة فالحجة فيما روي عن النبي عليه السلام قال أبو عمر هو مجهول لا حجة فيما رواه عندنا وإبراهيم بن أبي يحيى عند أهل الحديث ضعيف متروك الحديث والحجة لنا على من لم ير الملامسة إلا الجماع أن إطلاق الملامسة زلا تعرف العرب منه إلا اللمس باليد وقد بينا وجه اعتبار اللذة في ذلك قال الله تعالى * (فلمسوه بأيديهم) * [الأنعام 7] وقال عليه السلام ((اليدان تزنيان)) (1) وزناهما اللمس ومنه بيع الملامسة وهو لمس الثوب باليد تقول العرب لمست الثوب والحائط ونحو هذا وقرئت الآية * (أو لامستم النساء) * وذلك يفيد اللمس باليد وحمل الظاهر والعموم على التصريح أولى من حمله على الكناية وقد روى عبد الله بن عمير عن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل قال أتى رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن رجل أتى امرأة لا تحل له فأصاب منها ما يصيب الرجل من امرأته إلا الجماع فقال النبي - عليه السلام - ((يتوضأ وضوءا حسنا فأمره بالوضوء لما نال منها ما دون الجماع (2) وهذا هو المذهب لأن بن أبي ليلى لم يلق معاذا ولا أدركه ولا رآه وسيأتي من القول في لمس ذوات المحارم ذكر عند ذكر أبي قتادة في حمل رسول الله صلى الله عليه وسلم أمامة ابنة ابنته زينب في الصلاة وهو يبطل ما ذهب إليه الشافعي في أحد قوليه في لمس ذوات المحارم واستدلال بعموم الظاهر ولأنهن من جنس ما يقصد باللمس للذة كالزوجات والأجنبيات ولا معنى لهذا الاعتبار إذا صحت بخلافه الآثار وفي حديث عائشة إذ قالت ((فقدت رسول الله فالتمسته فوقعت يدي على
(٢٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 ... » »»