الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ١٣١
واختلف أصحاب مالك في ذلك فقال أشهب يجوز مسح بعض الرأس وذكر أبو الفرج قال اختلف متأخروا أصحابنا في ذلك فقال بعضهم لا بد أن يمسح كل الرأس أو أكثره وإذا مسح أكثره أجزأه قال وقال آخرون إذا مسح الثلث فصاعدا أجزأه قال وهذا أشبه القولين عندي وأولاهما من قبل أن الثلث فما فوقه قد جعله مالك في حيز الكثير في غير موضع من كتبه ومذهبه وزعم الأبهري أنه لم يقل أحد من أصحاب مالك ما ذكره أبو الفرج عنهم فإن المعروف لمحمد بن مسلمة ومن قال بقوله أن الممسوح من الرأس إن كان المتروك الأقل جاز على أصل مالك في أن الثلث عنده قدر يسير في كثير من مسائله قال أبو عمر ما ذكره أبو الفرج والأبهري عن محمد بن مسلمة كلاهما خارج عن أصول مالك في الثلث فمرة يجعله حدا في اليسير ومرة في الكثير وأما الشافعي فقال الفرض مسح بعض الرأس وقال احتمل قوله عز وجل * (وامسحوا برؤوسكم) * مسح بعض الرأس ومسح جميعه فدلت السنة على أن يجزئ وقال في موضع آخر من كتابه فإن قيل مسح الوجه في التيمم يدل على عموم غسله فلا بد أن يأتي بالمسح على جميع موضع الغسل منه ومسح الرأس أصل فهذا فرق ما بينهما قال أبو عمر السنة التي ذكر الشافعي أنها دلت على أن مسح بعض الرأس يجزئ هي مسحه بناصيته عليه السلام والناصية مقدم الرأس فقط جاء ذلك في آثار كثيرة منها ما أخبرناه عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا أبي قال حدثنا إسماعيل بن علية عن أيوب عن محمد بن سيرين عن عمرو بن وهب قال كنا عند المغيرة بن شعبة فقال ((مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم بناصيته
(١٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 ... » »»