كتاب الغرباء - محمد بن الحسين الآجري - الصفحة ٣٣
بينهم على خلاف الكتاب والسنة [لغلبة الجهل عليهم، ولدروس العلم فيهم]، فإذا أراد المؤمن العاقل الذي قد فقهه الله عز وجل في الدين، وبصره عيوب نفسه، وقبيح ما الناس عليه، ورزقه معرفة بالتمييز بين الحق والباطل، وبين الحسن والقبيح، وبين الضار والنافع، وعلم ماله مما عليه، فإذا الزم نفسه العمل بالحق بين ظهراني من قد جهل الحق بل الغالب عليهم اتباع الهوى لا يبالون ما نقص من دينهم إذا سلمت لهم دنياهم فإذا نظروا إلى من يخالفهم على طريقتهم ثقل ذلك عليهم فمقتوه وخالفوه وطلبوا له العيوب فأهله به متضجرون لو وإخوانه به مثقلون يكون ومعاملوه مع به غير راغبين في معاملته وأهل الأهواء على غير مذهب الحق مخالفون فصار غريبا في دينه لفساد دين أكثر الخلق غريبا في معاملته لكثرة فساد معايش أكثر الخلق غريبا في مؤاخاته وصحبته لكثرة فساد صحبة الناس ومؤاخاتهم غريبا في جميع أمور الدنيا والآخرة لا يجد على ذلك مساعدا يفرح به ولا مؤانسا يسكن إليه.
فمثل هذا غريب مستوحش لأنه صالح بين فساق وعالم بين جهال حليم بين سفهاء يصبح حزينا، ويمسي حزينا كثير غمه قليل فرحه كأنه مسجون كثير البكاء كالغريب الذي لا يعرف ولا يأنس به أحد يستوحش منه من لا يعرفه.
فهذا [معنى] قوله صلى الله عليه وسلم: وسيعود غريبا [كما بدأ] والله أعلم.
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»
الفهرست