العطف بل نبه على مآل الحال والمعنى أنه إذا بال فيه قد يحتاج إليه فتمتنع عليه استعماله ومثله يقوله صلى الله عليه وسلم لا يضربن أحدكم امرأته ضرب الأمة ثم يضاجعها فإنه لم يروه أحد بالجزم لأن المراد النهي عن الضرب لأنه يحتاج في مآل حاله إلى مضاجعتها فتمتنع لإساءته إليها فلا يحصل له مقصوده وتقدير اللفظ ثم هو يضاجعها وفي حديث الباب ثم هو يغتسل منه وتعقب بأنه لا يلزم من تأكيد النهي أن لا يعطف عليه نهي آخر غير مؤكد لاحتمال أن يكون للتأكيد في أحدهما معنى ليس ل خر قال القرطبي ولا يجوز النصب إذ لا تضمر أن بعد ثم وأجازه ابن مالك بإعطاء ثم حكى الواو وتعقبه النووي بأن ذلك يقتضي أن يكون النهي عنه الجمع بين الأمرين دون إفراد أحدهما وضعفه ابن دقيق العيد بأنه لا يلزم أن يدل على الأحكام المتعددة لفظ واحد فيؤخذ النهي عن الجمع بينهما من هذا الحديث أن تثبيت رواية النصب ويؤخذ النهي عن الافراد من حديث آخر قال الحافظ وهو ما رواه مسلم من حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن البول في الماء الراكد وعنده من طريق أبي السائب عن أبي هريرة بلفظ لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب وروى أبو داود النهي عنهما في حديث واحد ولفظه لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ولا يغسل فيه من الجنابة انتهى كلام الحافظ فكل ما ذكر في يغتسل من الإعراب يجري في يتوضأ والحديث بظاهره يدل على تنجس الماء الراكد مطلقا قليلا كان أو كثيرا لكنه ليس بمجهول على ظاهره بالاتفاق قال العيني في عمدة القاري هذا الحديث عام فلا بد من تخصيصه اتفاقا بالماء المتبحر الذي لا يتحرك أحد طرفيه بتحريك الطرف الآخر أو بحديث القلتين كما ذهب إليه الشافعي أو بالعمومات الدالة على طهورية الماء ما لم يتغير أحد أوصافه الثلاثة كما ذهب إليه مالك رحمه الله انتهى وقال الحافظ في الفتح لا فرق في الماء الذي لا يجري في الحكم المذكور بين بول الآدمي وغيره خلافا لبعض الحنابلة ولا بين أن يبول في الماء أو يبول في ماء ثم يصبه فيه خلافا للظاهرية
(١٨٦)