عمدة القاري - العيني - ج ٢٥ - الصفحة ١١٨
قوله: * (تعرج الملائكة والروح إليه فى يوم كان مقداره خمسين ألف سنة) * اختلف فيه. فقيل: جبريل، عليه السلام، وقيل: ملك عظيم تقوم الملائكة صفا ويقوم وحده صفا، قال الله عز وجل: * (يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمان وقال صوابا) * وقيل: هو خلق من خلق الله تعالى لا ينزل ملك إلا ومعه اثنان منهم، وعن ابن عباس: إنه ملك له أحد عشر ألف جناح وألف وجه يسبح الله إلى يوم القيامة. وقيل: هم خلق كخلق بني آدم لهم أيد وأرجل. وأما الآية الثانية فرد شبهتهم أيضا لأن صعود الكلم إليه لا يقتضي كونه في جهة إذ الباري سبحانه وتعالى لا تحويه جهة إذ كان موجودا ولا جهة، ووصف الكلم بالصعود إليه مجاز لأن الكلم عرض والعرض لا يصح أن ينتقل. قوله: الكلم الطيب قيل: القرآن، والعمل الصالح يرفعه القرآن، وعن قتادة: العمل الصالح يرفعه الله عز وجل، والعمل الصالح أداء فرائض الله تعالى.
وقال أبو جمرة عن ابن عباس: بلغ أبا ذر مبعث النبي فقال لأخيه: اعلم لي علم هاذا الرجل الذي يزعم أنه يأتيه الخبر من السماء.
أبو جمرة بالجيم والراء نضر بن عمران الضبعي البصري، وهذا التعليق مضى موصولا في: باب إسلام أبي ذر. قوله: اعلم من العلم. قوله: لي أي: لأجلي، أو من الإعلام أي: أخبرني خبر هذا الرجل الذي بمكة يدعي النبوة.
وقال مجاهد العمل الصالح يرفع الكلم الطيب.
هذا التعليق وصله الفريابي من رواية ابن أبي نجيح عن مجاهد وهو قول ابن عباس، وزاد فيه مجاهد: والعمل الصالح، أي: أداء فرائض الله، فمن ذكر الله ولم يؤد فرائضه رد كلامه على عمله وكان أولى به.
يقال: ذي المعارج: الملائكة تعرج إليه.
أي: قال: معنى ذي المعارج الملائكة العارجات. قوله: إليه، أي: إلى الله، ويروى: إلى الله، أيضا.
[/ شر 7429 حدثنا إسماعيل، حدثني مالك عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة العصر وصلاة الفجر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بكم، فيقول: كيف تركتم عبادي فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون.
مطابقته للترجمة ظاهرة. وإسماعيل هو ابن أبي أويس، وأبو الزناد بالزاي والنون عبد الله بن ذكوان، والأعرج عبد الرحمن بن هرمز.
والحديث مضى في أوائل كتاب الصلاة في: باب فضل صلاة العصر، فإنه أخرجه هناك عن عبد الله بن يوسف عن مالك... إلى آخره، ومضى الكلام فيه.
قوله: يتعاقبون أي: يتناوبون وهو نحو أكلوني البراغيث، والسؤال عن التزكية فقالوا: وأتيناهم وهم يصلون فزادوا على الجواب إظهارا لبيان فضيلتهم واستدراكا لما قالوا:) (* (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل فى الأرض خليفة قالو 1764; ا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدمآء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني 1764; أعلم ما لا تعلمون) * وأما اتفاقهم في هذين الوقتين فلأنهما وقتا الفراغ من وظيفتي الليل والنهار، ووقت رفع الأعمال. وأما اجتماعهم فهو من تمام لطف الله بالمؤمنين ليكونوا لهم شهداء، وأما السؤال فلطلب اعتراف الملائكة بذلك، وأما وجه التخصيص بالذين باتوا وترك ذكر الذين ظلوا فإما اكتفاء بذكر اجتماعهما عن الأخرى، وإما لأن الليل مظنة المعصية ومظنة الاستراحة، فلما لم يعصوا واشتغلوا بالطاعة فالنهار أولى بذلك، وأما لأن حكم طرفي النهار يعلم من حكم طرف الليل، فذكره كالتكرار.
7430 وقال خالد بن مخلد، حدثنا سليمان، حدثني عبد الله بن دينار، عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يصعد إلى الله إلا الطيب
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»