عمدة القاري - العيني - ج ٢٣ - الصفحة ٢٣٦
وقيل: من بيت المال، وفيه: أنه قائم بمصالح الأمة حيا وميتا وولي أمرهم في الحالين. قوله: (ومن ترك مالا فلورثته) وهذا مجمع عليه وكذا ثبت في رواية الكشميهني هنا، يعني: لورثته. وكذا في رواية مسلم وفي رواية عبد الرحمن بن عمرة: فلورثة عصبته من كانوا، قال الداودي: المراد بالعصبة هنا الورثة لا من يرث بالتعصيب، لأن العاصب في الاصطلاح من ليس له سهم مقدر من المجمع على توريثهم، ويرث كل المال إذا انفرد، ويرث ما فضل بعد الفروض، وقيل: المراد من العصبة هنا قرابة الرجل وهو من يلتقي مع الميت في أب ولو علا.
5 ((باب ميراث الولد من أبيه وأمه)) أي: هذا باب في بيان ميراث الولد من أبيه وأمه، والولد يشمل الذكر والأنثى وولد الولد وإن سفل.
وقال زيد بن ثابت: إذا ترك رجل أو امرأة بنتا فلها النصف، وإن كانتا اثنتين أو أكثر فلهن الثلثان، وإن كان معهن ذكر بديء بمن شركهم، فيؤتى فريضته فما بقي * (فللذكر مثل حظ الأنثيين) * (النساء: 671).
زيد بن ثابت بن الضحاك الأنصاري النجاري المدني كاتب وحي النبي صلى الله عليه وسلم، وكان من فضلاء الصحابة ومن أصحاب الفتوى، مات بالمدينة، سنة خمس وأربعين، وقال أبو عمر: أصل ما بنى عليه مالك والشافعي وأهل الحجاز ومن وافقهم في الفرائض قول زيد بن ثابت، وأصل ما بنى عليه أهل العراق ومن وافقهم فيها قول علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، وكل من الفريقين لا يخالف صاحبه إلا في اليسير النادر، إذا ظهر، ووصل أثره سعيد بن منصور عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه فذكر مثله. قوله: فلها النصف، أي: فللبنت الواحدة النصف، هذا قول الجماعة إلا من يقول بالرد، وكذا في الابنتين فأكثر إلا من يقول بالرد، وإلا ابن عباس فإنه كان يجعل للبنتين النصف. قوله: وإن كان معهن، أي: مع البنات ذكر بدىء على صيغة المجهول بمن شركهم أي: بمن شرك البنات والذكر، فغلب التذكير على التأنيث يعني: إن كان مع البنات أخ لهن وكان معهم غيرهم فمن له فرض مسمى كالأم مثلا، كما لو مات عن بنات وابن وأم، يبدأ بالأم فتعطى فرضها وما بقي فهو بين البنات والابن * (للذكر مثل حظ الأنثيين) * وقال ابن بطال: قوله: وإن كان معهن ذكر، يريد: إن كان مع البنات أخ من أبيهن وكان معهم غيرهم ممن له فرض مسمى كالأب مثلا، قال: فلذلك قال: شركهم، ولم يقل: شركهن. فيعطى الأب مثلا فرضه ويقسم ما بقي بين الابن والبنات * (للذكر مثل حظ الأنثيين) * قال: وهذا تأويل حديث الباب، وهو قوله ألحقوا الفرائض بأهلها.
2376 حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا وهيب حدثنا ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولى رجل ذكر).
مطابقته للترجمة من حيث إنه يدخل فيه ميراث الابن على ما لا يخفى.
ووهيب هو ابن خالد يروي عن عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.
والحديث أخرجه مسلم في الفرائض أيضا عن أمية بن بسطام وعن غيره. وأخرجه أبو داود فيه أيضا عن أحمد بن صالح وغيره. وأخرجه الترمذي عن عبد بن حميد به وغيره. وأخرجه النسائي فيه عن محمد بن معمر وغيره، وقيل: تفرد بوصله وهيب ورواه الثوري عن طاووس ولم يذكر ابن عباس، بل أرسله. أخرجه النسائي والطحاوي، وأشار النسائي إلى ترجيح الإرسال والمرجح في (الصحيحين): الوصل وإذا تعارض الوصل والإرسال ولم يرجح أحد الطرفين قدم الوصل.
قوله: (ألحقوا الفرائض) أي: الأنصباء المقدرة في كتاب الله، وهي النصف والربع والثمن والثلثان والثلث والسدس، وأصحابها مذكورة في الفرائض. قوله: (بأهلها) هو من يستحقها بنص القرآن، ووقع في رواية روح بن القاسم عن ابن طاووس: اقسموا المال بين أهل الفرائض على كتاب الله، أي: على وفق ما أنزل الله في كتابه. قوله: (فما بقي) أي: من أصحاب الفرائض. قوله: (فهو لأولى رجل) قال النووي المراد بالأولى الأقرب وإلا لخلا عن الفائدة، لأنا لا ندري من هو
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»