عمدة القاري - العيني - ج ٢٣ - الصفحة ٢٢٩
البصري جزم به الحافظ الدمياطي وهو من رجال مسلم. وقال بعضهم بالظن: إنه الربيع بن صبيح بفتح الصاد وهو من رجال الترمذي وابن ماجة، فوصلها أبو عوانة من طريق الأسود بن عامر عن الربيع بن صبيح عن الحسن، ووصلها الحافظ يوسف بن خليل في الجزء الذي جمع فيه طرق هذا الحديث من طريق وكيع عن الربيع عن الحسن ولم ينسب الربيع، فيحتمل أن يكون مثل ما قال الحافظ الدمياطي، ويحتمل أن يكون مثل ما روى أبو عوانة، ولكن يؤكد قول من يقول بالجزم دون الظن. والله أعلم.
بسم الله الرحمن الرحيم 58 ((كتاب الفرائض)) أي: هذا كتاب في بيان أحكام الفرائض، وهو جمع فريضة، وهي في اللغة اسم ما يفرض على المكلف، ومنه فرائض الصلوات والزكوات، وسميت أيضا المواريث فرائض وفروضا لما أنها مقدرات لأصحابها ومبينات في كتاب الله تعالى ومقطوعات لا تجوز الزيادة عليها ولا النقصان منها، وهي في الأصل مشتقة من الفرض وهو القطع والتقدير والبيان، يقال: فرضت لفلان كذا أي: قطعت له شيئا من المال. وقال الله تعالى: * (سورة أنزلناها وفرضناها) * (النور: 1) أي: قدرنا فيها الأحكام، وقد قال تعالى: * (قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم) * (التحريم: 2) أي: بين كفارة أيمانكم.
1 ((باب وقوله تعالى: * (يوصيكم الله فى 1764; أولادكم للذكر مثل حظ الانثيين فإن كن نسآء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ولابويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلامه الثلث فإن كان له إخوة فلامه السدس من بعد وصية يوصى بهآ أو دين ءابآؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا فريضة من الله إن الله كان عليما حكيما * ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بهآ أو دين ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بهآ أو دين وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانو 1764; ا أكثر من ذالك فهم شركآء فى الثلث من بعد وصية يوصى بهآ أو دين غير مضآر وصية من الله والله عليم حليم) * (النساء: 11 21)) وقول الله بالجر عطف على قوله الفرائض، والآيتان المذكورتان سبقتا بتمامهما في رواية أبي ذر وغيره، ساق الآية الأولى وقال بعده قوله: * (عليما حكيما) * إلى قوله: * (والله عليم حليم) * هاتان الآيتان الكريمتان والآية التي هي خاتمة السورة التي هما منها، وهي سورة النساء، آيات علم الفرائض وهو مستنبط من هذه الآيات ومن الأحاديث الواردة في ذلك مما هي كالتفسير لذلك، وكانت الوراثة في الجاهلية بالرجولية والقوة، أي: كانوا يورثون الرجال دون النساء، وكان في ابتداء الإسلام أيضا بالمحالفة قال الله تعالى: * (والذين عاقدت أيمانكم) * يعني: الحلفاء * (آتوهم نصيبهم) * (النساء: 33) أي: أعطوهم حظهم من الميراث، فصارت بعده بالهجرة، فنسخ هذا كله وصارت الوراثة بوجهين: بالنسب والسبب، فالسبب النكاح والولاء، والنسب القرابة. وبحث ذلك في علم الفرائض. والذين لا يسقطون من الميراث أصلا ستة: الأبوان والولدان والزوجان، والذين لا يرثون أصلا ستة: العبد والمرتد والمكاتب وأم الولد وقاتل العمد وأهل الملتين. وزاد بعضهم أربعة أخرى هي: التبني وجهالة الوارث وجهالة تاريخ الموتى والارتداد، وسيجئ تفسير هذه الآيات وبيان سبب نزولها في الأبواب التي تذكر ههنا، ولنذكر بعض شيء.
(٢٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 ... » »»