عمدة القاري - العيني - ج ٢١ - الصفحة ٦٢
وقال الخطابي: لم يكن حبه، صلى الله عليه وسلم، لها على معنى كثرة التشهي لها وشدة نزاع النفس إليها، وإنما كان يتناول منها إذا حضرت إليه نيلا صالحا فيعلم بذلك أنها تعجبه.
5432 حدثنا عبد الرحمان بن شيبة قال: أخبرني ابن أبي الفديك عن ابن أبي ذؤيب عن المقبري عن أبي هريرة. قال: كنت ألزم النبي صلى الله عليه وسلم لشبع بطني حين لا آكل الخمير ولا ألبس الحرير ولا يخدمني فلان ولا فلانة. وألصق بطني بالحصباء وأستقرىء الرجل الآية وهي معي كي ينقلب بي فيطعمني، وخير الناس للمساكين جعفر بن أبي طالب ينقلب بنا فيطعمنا ما كان في بيته حتى إن كان ليخرج إلينا العكة ليس فيها شيء فنشتقها فنلعق ما فيها.
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: (العكة) لأن الغالب يكون العسل فيها، على أنه جاء مصرحا به في بعض طرقه.
و عبد الرحمن بن شيبة هو عبد الرحمن بن عبد الملك بن محمد بن شيبة أبو بكر القرشي الخزامي بالحاء المهملة والزاي المدني وهو منسوب إلى جد أبيه، وقد غلط بعضهم فقال: عبد الرحمن بن أبي شيبة وزاد لفظه أبي وما لعبد الرحمن هذا في البخاري إلا في موضعين أحدهما: هذا، وابن أبي فديك هو محمد بن إسماعيل بن أبي فديك بضم الفاء مصغر فدك بالفاء والدال المهملة والكاف ويروى ابن أبي الفديك بالألف واللام، وابن أبي ذئب محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب بكسر الذال بلفظ الحيوان المشهور و المقبري، هو سعيد بن أبي سعيد وقد مر عن قريب.
والحديث قد مضى في مناقب جعفر بن أبي طالب، ومضى الكلام فيه.
قوله: (لشبع بطني) أي: لأجل شبع بطني، والشبع بكسر الشين وفتح الباء وفي رواية الكشميهني: بشبع بطني، أي: بسبب شبع بطني، ويروى ليشبع بطني بصيغة المجهول واللام فيه للتعليل. قوله: (الخمير) بفتح الخاء المعجمة وكسر الميم الخمير والخميرة التي تجعل في الخبز، يقال: عندي خبز خمير أي: خبز بائت. قوله: (ولا ألبس الحرير)، براءين كذا في رواية الكشميهني وبالياء الموحدة بدل الراء الأولى في رواية الأصيلي والقابسي وعبدوس، وكذا في رواية أبي ذر عن الحموي، ورجح عياض الرواية بالباء الموحدة، وقال: هو الثوب المحبر وهو المزين الملون مأخوذ من التحبير، وهو التحسين. وقيل: الحبير ثوب وشي مخطط، وقيل: الجديد. قوله: (ولا يخدمني فلان ولا فلانة)، هما كنايتان عن الخادم والخادمة. قوله: (وهي معي)، أي: تلك الآية محفوظي وفي خاطري. لكن استقرىء أي: أطلب القراءة من الرجل حتى يوديني إلى بيته فيطعمني قوله: (فنشتفها) ضبطه عياض بالشين المعجمة والفاء، وقال ابن التين بالقاف وهو الأظهر لأن معنى الذي بالفاء أن نشرب ما في الإناء والذي بالقاف أن نشق العكة حتى يلعقوها.
33 ((باب: * (الدباء) *)) أي: هذا باب فيه ذكر الدباء، وقد مر تفسيره، ويحتمل أن يكون وضع هذه الترجمة إشارة إلى أن الدباء لها خاصية تختص بها فلذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يحبها، وروى الطبراني من حديث واثلة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليكم بالقرع فإنه يزيد في الدماغ، وفي (فوائد الشافعي) رحمه الله من حديث عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا طبخت فأكثري فيه الدباء فإنه يشد قلب الحزين، وقال شيخنا: وفي بعض طرق حديث أنس أنه يريد في العقل وفي بعض طرق حديث أنس في (مسند الإمام أحمد) أن القرع كان أحب الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
5433 حدثنا عمرو بن علي حدثنا أزهر بن سعد عن ابن عون عن ثمامة بن أنس عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى مولى له خياطا فأتي بدباء فجعل يأكله فلم أزل أحبه منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يأكله.
مطابقته للترجمة ظاهرة. وعمرو بن علي بن بحر أبو حفص الباهلي البصري الصير في، وهو شيخ مسلم أيضا، وأزهر بن سعد الباهلي
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»