عمدة القاري - العيني - ج ٢١ - الصفحة ٤٢
الميم. قوله: (في سبعة أمعاء) اختلف في المراد بها. فقيل: هو على ظاهره، وقيل: للمبالغة وليست حقيقة العدد مرادة، وإنما خرج مخرج الغالب، وقيل: تخصيص السبعة للمبالغة في التكثير كما في قوله تعالى: * (والبحر يمده من بعده سبعة أبحر) * (لقمان: 27) قال النووي: الصفات السبعة في الكافر وهي: الحرص والشره وطول الأمل والطمع وسوء الطبع والحسد وحب السمن، وقال القرطبي: شهوات الطعام سبع: شهوة الطبع، وشهوة النفس، وشهوة العين، وشهوة الفم، وشهوة الأذن، وشهوة الأنف، وشهوة الجوع، وهي الضرورية التي يأكل بها المؤمن وأما الكافر فيأكل بالجميع.
((باب: * (المؤمن يأكل في معى واحد، فيه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم) *)) إعادة هذه الترجمة بعينها مع ذكر أبي هريرة على وجه التعليق لم تثبت إلا في رواية أبي ذر عن السرخسي وحده، ولم تقع في رواية أبي الوقت عن الداودي عن السرخسي، ووقع في رواية النسفي ضم الحديث الذي قبله إلى ترجمة: طعام الواحد يكفي الاثنين، وإيراد هذه الترجمة لحديث ابن عمر بطرقه، وحديث أبي هريرة بطريقيه، ولم يذكر فيها التعليق، وهذا هو الوجه وليس لإعادة الترجمة بلفظها معنى، وكذا ذكر حديث أبي هريرة في الترجمة. ثم إيراده فيها موصولين من وجهين.
5393 حدثنا محمد بن بشار حدثنا عبد الصمد حدثنا شعبة عن واقد بن محمد عن نافع قال: كان ابن عمر لا يأكل حتى يؤتي بمسكين يأكل معه، فأدخلت رجلا يأكل معه فأكل كثيرا فقال: يا نافع لا تدخل هذا علي سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: المؤمن يأكل في معى واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء.
مطابقته للترجمة ظاهرة. لأن الترجمة هي نصف الحديث، وعبد الصمد هو عبد الوارث، وواقد بالقاف والدال المهملة هو ابن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر، رضي الله تعالى عنه.
والحديث أخرجه مسلم في الأطعمة عن أبي بكر بن خلاد.
قوله: (لا تدخل)، بضم التاء من الإدخال. قوله: (علي) بتشديد الياء. قوله: (المؤمن يأكل في معى واحد) وإنما عدى الأكل بكلمة: في علي معنى: أوقع الأكل فيها وجعلها مكانا للمأكول. قال تعالى: * (إنما يأكلون في بطونهم نار) * (النساء: 10) أي: ملء بطونهم، واختلف في المراد بهذا الحديث، فقيل: هو مثل ضرب المؤمن وزهده في الدنيا وللكافر وحرصه عليها. وقيل: هو تخصيص للمؤمن على أن يتحامى ما يجره كثرة الأكل من القسوة والنوم، ووصف الكافر بكثرة الأكل ليتجنب المؤمن ما هو صفة للكافر، كما قال عز وجل: * (والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام) * (محمد: 12) وهذا في الغالب والأكثر، وإلا فقد يكون في المؤمنين من يأكل كثيرا بحسب العادة أو لعارض، ويكون في الكفار من يعتاد قلة الأكل إما المراعاة الصحة. كالأطباء أو للتقلل كالرهبان، أو لضعف المعدة، وقيل: يمكن أن يراد به أن المؤمن يسمي الله عز وجل عند طعامه فلا يشركه الشيطان، والكافر لا يسمي الله عند طعامه وقيل: المراد بالمؤمن التام الإيمان لأن من حسن إسلامه وكمل إيمانه اشتغل فكره فيما يصل إليه من الموت وما بعده، فيمنعه ذلك من استيفاء شهوته، وأما الكافر فمن شأنه الشره، فيأكل بالنهم كما تأكل البهيمة ولا يأكل بالمصلحة لقيام البنية. وقال الطحاوي: سمعت ابن أبي عمران يقول: قد كان قوم حملوا هذا الحديث على الرغبة في الدنيا كما يقول: (فلان يأكل الدنيا أكلا) أي يرغب فيها ويحرص عليها، فالمؤمن يأكل في معى واحد لزهادته في الدنيا، والكافر في سبعة أمعاء أي: لرغبته فيها ولم يحملوا ذلك على الطعام. قالوا: وقد رأينا مؤمنا أكثر طعاما من كافر، ولو تأول ذلك على الطعام استحال معنى الحديث، وقيل: هو رجل خاص بعينه، وكان كافرا ثم أسلم، وقال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، واختلفوا في هذا الرجل. فقيل: ثمامة بن أثال، وبه جزم المازري والنووي، وقيل: جهجاه الغفاري، وقيل: نضلة بن عمرو الغفاري، وقيل: أبو بصرة الغفاري، وقيل: ابنه بصرة بن أبي بصرة الغفاري، وقيل: أبو غزوان غير مسمى، وروى الطبراني، بإسناد صحيح من رواية أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو قال: جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم سبع رجال فأخذ كل رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رجلا فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم رجلا فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما اسمك قال أبو غزوان، قال: فحلب له النبي صلى الله عليه وسلم سبع شياه، فشرب لبنها كله، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: هل لك يا أبا غزوان أن تسلم؟ قال: نعم، فأسلم فمسح النبي صلى الله عليه وسلم صدره فلما أصبح حلب له النبي صلى الله عليه وسلم شاة واحدة فلم يتم لبنها. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: مالك يا أبا غزوان؟ فقال: والذي بعثك بالحق لقد رويت. قال: إنك أمس كان لك سبعة أمعاء وليس لك اليوم إلا واحد. قلت: أبو بصرة بالباء الموحدة وسكون الصاد المهملة، واسمه حميل بضم الحاء المهملة وفتح الميم. قوله: (في سبعة أمعاء) اختلف في المراد بها. فقيل: هو على ظاهره، وقيل: للمبالغة وليست حقيقة العدد مرادة، وإنما خرج مخرج الغالب، وقيل: تخصيص السبعة للمبالغة في التكثير كما في قوله تعالى: * (والبحر يمده من بعده سبعة أبحر) * (لقمان: 27) قال النووي: الصفات السبعة في الكافر وهي: الحرص والشره وطول الأمل والطمع وسوء الطبع والحسد وحب السمن، وقال القرطبي: شهوات الطعام سبع: شهوة الطبع، وشهوة النفس، وشهوة العين، وشهوة الفم، وشهوة الأذن، وشهوة الأنف، وشهوة الجوع، وهي الضرورية التي يأكل بها المؤمن وأما الكافر فيأكل بالجميع.
((باب: * (المؤمن يأكل في معى واحد، فيه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم) *)) إعادة هذه الترجمة بعينها مع ذكر أبي هريرة على وجه التعليق لم تثبت إلا في رواية أبي ذر عن السرخسي وحده، ولم تقع في رواية أبي الوقت عن الداودي عن السرخسي، ووقع في رواية النسفي ضم الحديث الذي قبله إلى ترجمة: طعام الواحد يكفي الاثنين، وإيراد هذه الترجمة لحديث ابن عمر بطرقه، وحديث أبي هريرة بطريقيه، ولم يذكر فيها التعليق، وهذا هو الوجه وليس لإعادة الترجمة بلفظها معنى، وكذا ذكر حديث أبي هريرة في الترجمة. ثم إيراده فيها موصولين من وجهين.
5394 حدثنا محمد بن سلام أخبرنا عبدة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن المؤمن يأكل في معى واحد وإن الكافر أو المنافق فلا أدري أيهما قال عبيد الله: يأكل في سبعة أمعاء.
وقال ابن بكير: حدثنا مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله.
وجه المطابقة موجود، وعبدة بفتح العين وسكون الباء الموحدة ابن سليمان، وعبيد الله هو ابن عمر العمري، والحديث من أفراده.
قوله: (أو المنافق) شك من عبدة، وأشار إليه بقوله: (فلا أدري أيهما قال عبيد الله) يعني: ابن عمر العمري، ورواه مسلم من طريق يحيى القطان عن عبيد الله بن عمر بلفظ: الكافر، بغير شك، وكذا رواه عمرو بن دينار كما يأتي في الباب، ووقع في رواية الطبراني من حديث سمرة بلفظ: المنافق، بدل الكافر.
قوله: (وقال ابن بكير)، هو يحيى بن عبد الله بن بكير، أبو زكريا المخزومي المصري روى عنه البخاري في بدء الوحي وغير موضع. قال الدمياطي: قال ابن يونس: ولد يحيى بن بكير ستة أربع وخمسين ومائة، ومات في صفر سنة إحدى وثلاثين ومائتين، وهذا التعليق وصله أبو نعيم: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد حدثنا الفضل بن عياش حدثنا يحيى بن بكير حدثنا مالك فذكره. قوله: (بمثله) أي: بمثل أصل الحديث لا خصوص الشك الواقع في رواية عبيد الله بن عمر عن نافع.
5395 حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان عن عمرو، قال: كان أبو نهيك رجلا أكولا، فقال له ابن عمر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الكافر يأكل في سبعة أمعاء، فقال: فأنا أومن بالله ورسوله.
هذا طريق آخر في حديث ابن عمر أخرجه علي بن عبد الله المعروف بابن المديني عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار إلى آخره، والحديث من أفراده.
قوله: (كان أبو نهيك)، بفتح النون وكسر الهاء وبالكاف، قال الكرماني: كان رجلا من أهل مكة. قلت: أخذه من كلام الحميدي فإن في روايته قيل لابن عمر: أن أبا نهيك رجل من أهل مكة يأكل أكلا كثيرا. قوله: (فقال) أي: أبو نهيك (أنا أومن بالله ورسوله) ومن هذا حمل الحديث على ظاهره كما ذكرنا.
5396 حدثنا إسماعيل، قال: حدثني مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يأكل المسلم في معى واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء.
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»