عمدة القاري - العيني - ج ٢١ - الصفحة ٢١٤
كيف أصنع في مالي؟ كيف أقضى في مالي؟ فلم يجبني بشيء حتى نزلت آية الميراث.
مطابقته للترجمة ظاهرة في قوله: (فوجد أني أغمي علي) وعبد الله بن محمد المعروف بالمسندي، وسفيان بن عيينة، وابن المنكدر هو محمد بن المنكدر بن عبد الله المدني.
والحديث قد مر في كتاب الطهارة فإنه أخرجه هناك في: باب صب النبي صلى الله عليه وسلم وضوءه على المغمى عليه عن أبي الوليد عن شعبة عن محمد بن المنكدر.
قوله: (نزلت آية الميراث) وهناك: حتى نزلت آية الفرائض، ومر الحديث أيضا في تفسير سورة النساء، وهي قوله تعالى: * (يوصيكم الله في أولادكم) * (النساء: 11) الآية.
6 ((باب فضل من يصرع من الريح)) أي: هذا باب في بيان فضل من يصرع من الريح، كلمة: من، تعليلية أي: فضل من يحصل له صرع بسبب الريح، أي: الريح التي تحتبس في مناقد الدماغ وتمنع الأعضاء الرئيسية عن انفعالها منعا غير تام، أو بخار يرتفع إليه من بعض الأعضاء، والريح هو ما يكون منشأ للصرع وسببه: شدة تعرض في بطون الدماغ، وفي مجاري الأعصاب المحركة، وسبب الزبد غلظ الرطوبة والريح وقد يكون الصرع من الجن ولا يقع إلا من النفوس الخبيثة منهم، وقال الشيخ أبو العباس: صرع الجن للإنس قد يكون عن شهوة وهوى وعشق، كما يتفق للإنس مع الإنس، وقد يتناكح الإنس والجن ويولد بينهما ولد، وقد يكون عن بغض ومجازاة مثل أن يؤذيهم بعض الناس أو يبول على بعضهم أو يصب ماء حارا ويقتل بعضهم، وإن كان الإنس لا يعرف ذلك، وأنكر طائفة من المعتزلة كالجبائي وأبي بكر الرازي ومحمد بن زكرياء الطبيب وآخرون دخول الجن في بدن المصروع، وأحالوا وجود روحين في جسد مع إقرارهم بوجود الجن، وهذا خطأ، وذكر أبو الحسن الأشعري في (مقالات أهل السنة والجماعة) أنهم يقولون: إن الجن يدخل في بدن المصروع كما قال لله عز وجل: * (الذين يأكلون الربا ألا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس) * (البقرة: 275) وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: قلت لأبي: إن قوما يقولون: إن الجن لا تدخل في بدن الإنس، فقال: يا بني! يكذبون، هو ذا يتكلم على لسانه، وفي حديث أم أبان الذي رواه أبو داود وغيره قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخرج عدو الله، وكذا في حديث أسامة بن زيد: أخرج يا عدو الله فإني رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال القاضي عبد الجبار: أجسامهم كالهواء فلا يمتنع دخولهم في أبدان الإنس كما يدخل الريح والنفس المتردد، والله أعلم.
5652 حدثنا مسدد حدثنا يحيى ا عن عمران أبي بكر قال: حدثني عطاء بن أبي رباح قال: قال لي ابن عباس: ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت بلى. قال: هاذه المرأة السوداء أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أصرع وإني أتكشف فادع الله لي. قال: إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك. فقالت: أصبر. فقالت: إني أتكشف فادع الله أن لا أتكشف، فدعا لها.
مطابقته للترجمة في قوله: (إني أصرع) وقال صاحب (التلويح): هذا الحديث ليس فيه ذكر الريح الذي ترجم له. قلت: الترجمة معقودة في فضل من يصرع، فالحديث يدل عليه. وقوله: (من الريح) بيان سبب الصرع كما قلنا، ولا يلزم أن يكون له شيء.
ويحيى هو ابن سعيد القطان، وعمران هو ابن مسلم بصري تابعي صغير وكنيته أبو بكر، فلذلك قال: عن عمران أبي بكر وهو معروف بالقصير.
والحديث أخرجه مسلم في الأدب عن القواريري. وأخرجه النسائي في الطب عن يعقوب بن إبراهيم.
قوله: (ألا) بفتح الهمزة وتخفيف اللام للعرض. قوله: (هذه المرأة السوداء) روى أبو موسى في (الذيل) من رواية عطاء الخراساني عن عطاء بن أبي رباح في هذا الحديث: فأراني حبشية صفراء عظيمة، فقال: هذه سعيرة الأسدية، وسعيرة بضم السين وفتح العين المهملتين وسكون الياء آخر الحروف وبالراء، ويقال: شقيرة بضم الشين المعجمة وفتح القاف، قال الذهبي في باب الشين المعجمة: شقيرة الأسدية مولاتهم حبشية، قيل: هي سعيرة التي كانت تصرع، وفي رواية المستغفري: سكيرة بالكاف قوله: (إني أصرع) على صيغة المجهول. قوله: (أتكشف) بالتاء المثناة من فوق وتشديد الشين المعجمة من التكشف
(٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»