عمدة القاري - العيني - ج ٢١ - الصفحة ١٦
مطابقته للترجمة ظاهرة. وابن عيينة هو سفيان بن عيينة، ومعمر بفتح الميمين هو ابن راشد، والثوري هو سفيان.
والحديث من أفراده، وقد فات ابن عيينة سماع هذا الحديث من الزهري فرواه عنه بواسطة معمر، وقد رواه أيضا عن عمرو ابن دينار عن الزهري بأتم من سياق معمر، وتقدم في سورة الحشر. وأخرجه أحمد والحميدي في (مسنديهما) عن سفيان عن معمر وعمرو بن دينار جميعا عن الزهري، وقد أخرج مسلم رواية معمر وحدها عن يحيى بن يحيى عن سفيان عن معمر عن الزهري، لكن لم يسق لفظه، وأخرج إسحاق بن راهويه في (مسنده) رواية معمر منفردة عن سفيان عنه عن الزهري بلفظ: كان ينفق على أهله نفقة سنة من مال بني النضير، ويحمل ما بقي في الكراع والسلاح.
قوله: (بني النضير)، بفتح النون وكسر الضاد المعجمة وبالراء، وهم حي من يهود خيبر، وقد دخلوا في العرب وهم على نسبتهم إلى هارون أخي موسى، عليهما السلام.
قال المهلب: فيه دليل على جواز إدخار القوت للأهل والعيال وأنه ليس بحكرة، وإن ما ضمه الإنسان من زرعه أو جد من نخله وثمره وحبسه لقوته لا يسمى حكرة، ولا خلاف في هذا بين الفقهاء. وقال الطبري: فيه دليل الرد على الصوفية حيث قالوا: الإدخار من يوم لغد يسيء فاعله إذ لم يتوكل على ربه حق توكله، ولا خفاء بفساد هذا القول.
5358 حدثنا سعيد بن عفير قال: حدثني الليث قال: حدثني عقيل عن ابن شهاب قال: أخبرني مالك بن أوس بن الحدثان، وكان محمد بن جبير بن مطعم ذكر لي ذكرا من حديثه، فانطلقت حتى دخلت على مالك بن أوس فسألته. فقال مالك: انطلقت حتى أدخل على عمر، رضي الله عنه، إذ أتاه حاجبه يرفأ، فقال: هل لك في عثمان وعبد الرحمان والزبير وسعد يستأذنون؟ قال: نعم! فأذن لهم. قال: فدخلوا وسلموا فجلسوا. ثم لبث يرفأ قليلا فقال لعمر: هل لك في علي وعباس؟ قال: نعم، فأذن لهما. فلما دخلا سلما وجلسا، فقال عباس: يا أمير المؤمنين! اقض بيني وبين هاذا. فقال: الرهط عثمان وأصحابه: يا أمير المؤمنين! اقض بينهما. وأرح أحدهما من الآخر. فقال عمر: اتئدوا أنشدكم بالله الذي به تقوم السماء والأرض، هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: لا نورث ما تركنا فهو صدقه يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه قال الرهط قد قال ذلك فأقبل عمر على علي وعباس فقال: أنشدكما بالله هل تعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ذالك؟ قالا: قد قال ذالك. قال عمر: فإني أحدثكم عن هاذا الأمر: إن الله كان خص رسوله، صلى الله عليه وسلم، في هاذا المال بشيء لم يعطه أحدا غيره. قال الله: * (ما أفاء الله على رسوله منهم) * إلى قوله: * (قدير) * فكانت هاذه خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والله ما احتازها دونكم ولا استأثر بها عليكم، لقد أعطاكموها وبثها فيكم حتى بقي منها هاذا المال: فكان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ينفق على أهله نفقة سنتهم من هاذا المال ثم يأخذ ما بقي فيجعله مجعل مال الله فعمل بذالك رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حياته. أنشدكم بالله هل تعلمون ذالك؟ قالوا: نعم قال لعلي وعباس: أنشدكما بالله هل تعلمان ذالك؟ قالا: نعم. ثم توفى الله نبيه صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر: أنا ولي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقبضها أبو بكر يعمل فيها بما عمل به فيها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأنتما حينئذ. وأقبل على علي وعباس تزعمان أن أبا بكر كذا وكذا، والله
(١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 ... » »»