عمدة القاري - العيني - ج ٢١ - الصفحة ١٣
يشعر أنه هو، ويحتمل أن يكون عدي بن ثابت على ما لا يخفى. قوله: (على أهله)، قال صاحب (المغرب) أهل الرجل امرأته وولده والذي في عياله ونفقته، وكذا كل أخ أو أخت أو عم أو ابن عم أو صبي أجنبي بقوته في منزله، وعن الأزهري: أهل الرجل أخص الناس به، ويجمع على أهلين والأهالي على غير قياس، ويقال: الأهل يحتمل أن يشمل الزوجة والأقارب، ويحتمل أن يختص بالزوجة ويلحق به من عداه بطريق الأولى لأن الثواب إذا ثبت فيما هو واجب فثبوته فيما ليس بواجب أولى. فإن قلت: كيف يكون إطعام الرجل أهله صدقة وهو فرض عليه؟ قلت: جعل الله الصدقة فرضا وتطوعا ويجزي العبد على ذلك بحسب قصده، ولا منافاة بين كونها واجبة وبين تسميتها صدقة. وقيل: إنما أطلق الشارع صدقة على نفقة الفرض لئلا يظنوا أن قيامهم بالواجب لا أجر لهم، وقال المهلب: النفقة على الأهل والعيال واجبة بالإجماع، وقال الطبري: النفقة على الأولاد ما داموا صغارا فرض عليه لقوله صلى الله عليه وسلم: وأبدأ بمن تعلو لأن الولد ما دام صغيرا فهو عيال. وقال ابن المنذر: واختلفوا فيمن بلغ من الأبناء ولا مال له ولا كسب، فقالت طائفة: على الأب أن ينفق على ولد صلبه الذكور حتى يحتلموا والبنات حتى يزوجن، فإن طلقها. قيل البناء فهي على نفقتها، وإن طلقها بعد البناء أو مات عنها فلا نفقة لها على أبيها ولا نفقة لولد الولد على الجد، هذا قول مالك، وأي: نفقة الإخوة والأخوات والأعمام والعمات والأخوال والخالات واجبة بشرط العجز مع قيام الحاجة، وأما نفقة بني الأعمام وأولاد العمات فلا تجب عند عامة العلماء. خلافا لابن أبي ليلى. قوله: (وهو يحتسبها)، أي: يعملها حسبة لله تعالى، وقال النووي: احتسبها أي: أراد بها الله، وطريقه أن يتذكر أنه يجب عليه الإنفاق فينفق بنية أداء ما أمر به.
5352 حدثنا إسماعيل قال: حدثني مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة، رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله: أنفق يا ابن آدم أنفق عليك.
مطابقته للترجمة ظاهرة. وإسماعيل هو ابن أبي أويس، وأبو الزناد بالزاي والنون هو عبد الله بن ذكوان، والأعرج هو عبد الرحمن بن هرمز. والحديث من أفراده.
قوله: (أنفق)، بفتح الهمزة أمر من الإنفاق. قوله: (أنفق عليك)، بضم الهمزة بصيغة المضارع جواب الأمر، وروى مسلم من طريق همام عن أبي هريرة بلفظ: أن الله قال لي: أنفق عليك.
5353 حدثنا يحيى بن قزعة حدثنا مالك عن ثور بن زيد عن أبي الغيث عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو القائم الليل الصائم النهار.
مطابقته للترجمة من حيث إن الساعي على الأرملة هو الذي يسعى لتحصيل النفقة على الأرملة التي لا زوح لها وثور بالثاء المثلثة، وأبو الغيث سالم مولى ابن مطيع القرشي.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الأدب عن القعني. وأخرجه مسلم أيضا في الأدب عن القعني. وأخرجه الترمذي في البر عن إسحاق بن موسى. وأخرجه النسائي في الزكاة عن عمرو بن منصور. وأخرجه ابن ماجة في التجارات عن يعقوب بن حميد.
قوله: (أو القائم الليل)، شك من الراوي. وفي رواية معن بن عيسى وابن وهب وابن بكير وآخرين عن مالك بلفظ: أو كالذي يصوم النهار ويقوم الليل، وفي رواية ابن ماجة عن الدراوردي عن ثور مثله، ولكن بالواو لا بأو، ويجوز في القائم الليل الحركات الثلاثة كما في الحسن الوجه في الوجوه الإعرابية، وإن اختلفا في بعضها بكونه حقيقة أو مجازا.
5354 حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن سعد بن إبراهيم عن عامر بن سعد عن أبيه رضي الله عنه، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم، يعودني وأنا مريض بمكة، فقلت: لي مال أوصي بمالي كله قال: لا. قلت: فالشطر قال: لا. قلت: فالثلث قال: الثلث والثلث كثير، أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس في أيديهم. ومهما أنفقت فهو لك صدقة، حتى اللقمة تضعها
(١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»