عمدة القاري - العيني - ج ٢١ - الصفحة ١٣٤
من الغساني وأظهره في صورة يظن الواقف عليه أنه من كلامه، وثابت بالثاء المثلثة ضد الزائد ابن عجلان أبو عبد الله الأنصاري التابعي.
وهؤلاء الثلاثة كلهم شاميون حمصيون ما لهم في البخاري سوى هذا الحديث، إلا محمد بن حمير فله حديث آخر سبق في الهجرة إلى المدينة فإن قلت: هؤلاء متكلم فيهم، فكيف وضعه البخاري في (صحيحه) أما خطاب فقد قال الدارقطني: ربما أخطأ وأما محمد بن حمير فقال فيه أبو حاتم لا يحتج به وأما ثابت فقال أحمد أنا أتوقف فيه. وقال العقيلي: لا يتابع في حديثه؟ قلت: قال بعضهم: إن هؤلاء من المتابعات لا من الأصول والأصل فيه الذي قبله انتهى. وهذا غير كاف للرد ولكن نقول: أما خطاب فإنه كان يعد من الأبدال، وذكره ابن حبان في (الثقات) ووثقه أيضا الدارقطني مع قوله: ربما أخطأ. وأما محمد بن حمير، فعن يحيى ودحيم ثقة وعن النسائي: ليس به بأس وروى له. وأما ثابت فقد قال فيه أبو حاتم: صالح الحديث، ولما ذكره العقيلي في (الضعفاء) أنكر عليه ابن القطان.
والحديث أخرجه النسائي أيضا في الذبائح عن سلمة بن أحمد بن عثمان الفوزي عن جده لأمه خطاب بن عثمان به.
قوله: (بعنز)، بفتح العين وسكون النون وبالزاي، أي قال بعضهم: هي واحدة المعز، وكذا قال صاحب (التوضيح) هي واحدة المعز. قلت: هذا ليس بصحيح، والصحيح ما قاله الجوهري: العنز الماعزة وهي الأنثى من المعز، وكذلك العنز من الظباء والأوغال. قوله: (فقال ما على أهلها) أي: ليس على أهلها حرج.
31 ((باب: * (المسك) *)) أي: هذا باب يذكر فيه المسك، وهو بكسر الميم، وهو معروف عند كل أحد، وهو فارسي معرب، وأصله بالشين المعجمة والعرب إذا استعملوا لفظا أعجميا غيروه بزيادة أو نقصان أو بقلب حرف بحرف غيره. وقال الكرماني: وجه إيراد هذا الباب في كتاب الصيد لكون المسك فضلة الظبي، والظبي مما يصاد. وقال الجاحظ: المسك هو من دويبة تكون في الصين تصاد لتوافجها وسررها، فإذا صيدت شدت بعصائب وهي مدلية يجتمع فيها دم فإذا ذبحت فورت السرة التي عصبت ودفنت في الشعر حتى يستحيل ذلك الدم المتخمر الجامد مسكا ذكيا بعد أن كان لا يرام من النتن ونقل ابن الصلاح أن النافجة في جوف الظبية كالأنفحة في جوف الجدي، وقيل: غزال المسك كالظبأ إلا أن له نابين معتنقين خارجين من فمه كالفيل والخنزير، ويؤخذ المسك من سرته وله وقت معلوم من السنة يجتمع في سرته. فإذا اجتمع ورم الموضع فمرض الغزال إلى أن يسقط منه، ويقال: إن أهل تلك البلاد يجعلون لها أوتادا في البرية تحتك بها فتسقط وقال النووي: أجمعوا على أن المسك طاهر يجوز استعماله في البدن والثوب ويجوز بيعه، وحكى ابن التين عن ابن شعبان من المالكية أن فأرة المسك إنما تؤخذ في حال الحياة أو بذكاة من لا تصح ذكاته من الكفرة وهي مع ذلك محكوم بطهارتها لا يستحيل عن كونها دما حتى تصير مسكان كما يستحيل في حال الدم إلى اللحم فيطهر ويحل أكله، وليست بحيوان حتى يقال: تنجست بالموت، وإنما هو شيء يحدث بالحيوان كالبيض.
وقد أجمع المسلمون على طهارة المسك إلا ما حكى عن عمر، رضي الله تعالى عنه، من كراهته، وهكذا حكى ابن المنذر عن جماعة ثم قال: ولا يصح المنع فيه إلا عن عطاء بناء على أنه جزء منفصل، وقال أصحابنا: المسك حلال للرجال وللنساء وفي (التوضيح) قال ابن المنذر: وممن أجاز الانتفاع بالمسك علي بن أبي طالب وابن عمر وأنس وسلمان الفارسي، ومن التابعين: سعيد بن المسيب وابن سيرين وجابر بن زيد، ومن الفقهاء مالك والليث والشافعي وأحمد وإسحاق وخالف ذلك آخرون، وذكر ابن أبي شيبة عن عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنه أنه كره المسك، وقال: لا تحنطوني به وكرهه عمر بن عبد العزيز وعطاء والحسن ومجاهد والضحاك وقال أكثرهم لا يصلح للحي ولا للميت، وهو عندهم بمنزلة ما قطع من الميتة وقال ابن المنذر: لا يصح ذلك إلا عن عطاء، وهذا قياس غير صحيح، وروى أبو داود من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا: أطيب طيبكم المسك، وهذا نص قاطع للخلاف. وقال ابن المنذر: وقد روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بإسناد جيد أنه كان له مسك يتطيب به.
5533 حدثنا مسدد عن عبد الواحد حدثنا عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما من مكلوم يكلم في الله إلا جاء يوم
(١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 ... » »»