عمدة القاري - العيني - ج ٢٠ - الصفحة ٣٠٩
من سورة الطلاق. قوله: (أسكنوهن من حيث سكنتم) ابتداء آية أخرى من سورة الطلاق أيضا إلى قوله: * (سيجعل الله بعد عسر يسرا) * قوله: (أسكنوهن) أي: اسكنوا المطلقات من نسائكم. قوله: (من حيث سكنتم) كلمة من للتبعيض أي: من بعض مكان سكناكم، وعن قتادة: إن لم يكن له إلا بيت واحد فإنه يسكنها في بعض جوانبه. قوله: (من وجدكم) بيان وتفسير لقوله: (من حيث سكنتم) كأنه قيل: أسكنوهن مكانا من سكنكم من سعتكم وطاقتكم حتى تنقضى عدتهن. قوله: (ولا تضاروهن) أي: ولا تؤذوهن لتضيقوا عليهن مساكنهن فيخرجن. قوله: (وإن كن أولات حمل فانفقوا عليهن حتى يضعن حملهن) فيخرجن من العدة. قوله: (فإن أرضعن لكم) أي: أولادكم منهم فآتوهن أجورهن بن علي رضاعهن. قوله: (وائتمروا بينكم بمعروف) يعني: ليقبل بعضكم بن علي بعض إذا أمروا بالمعروف، وقال الفراء أي: هموا، وقال الكسائي: أي شاوروا، وقيل: فإن أرضعن لكم يعني هؤلاء المطلقات إن أرضعن لكم ولدا من غيرهن أو منهن بعد انقطاع عصمة الزوجية فآتوهن أجورهن وحكمهن في ذلك حكم الآظار، ولا يجوز عند أبي حنيفة وأصحابه الاستئجار إذا كان الولد منهن ما لم تبن ويجوز عند الشافعي. قوله: (وإن تعاسرتم) يعني في الإرضاع فأبى الزوج أن يعطى المرأة أجرة رضاعها وأبت الأم أن ترضعه فليس له إكراهها بن علي إرضاعه (فسترضع له أخرى) أي فستوجد ولا تعوز مرضعة غير الأم ترضعه. قوله: (لينفق ذو سعة من سعته) أي: بن علي قدر غناه، ومن قدر عليه أي ومن ضيق عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله. أي: فلينفق من ذلك الذي أعطاه الله، وإن كان قليلا لا بكلف الله نفسا إلا ما آتاها أي إلا ما أعطاها من المال. قوله: (سيجعل الله بعد عسر) أي: بعد ضيق في المعيشة (يسرا) أي: سعة هذا وعد لفقراء الأزواج بفتح أبواب الرزق عليهم.
أجورهن مهورهن.
أشار إلى تفسير قهول: (أجورهن) في قوله تعالى: * (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن) * (النساء: 42) أي: مهورهن، هذا في سورة النساء، ولا يتأتى أن يصرف هذا إلى قوله هنا: * (فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن) * (الطلاق: 6) لأن المراد من الأجور هنا الذي هو جمع أجر بمعنى أجرة الرضاع، والذي في سورة النساء جمع أجر بمعنى المهر، وفي ذكره نوع بعد، ولهذا لا يوجد في بعض النسخ.
1235، 2235 حدثنا إسماعيل حدثنا مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد وسليمان ابن يسار أنه سمعهما يذكران أن يحيى بن سعيد بن العاص طلق بنت عبد الرحمان بن الحكم، فانتقلها عبد الرحمان، فأرسلت عائشة أم المؤمنين إلى مروان، وهو أمير المدينة: اتق الله وارددها إلى بيتها. قال مروان في حديث سليمان: إن عبد الرحمان بن الحكم غلبني.
وقال القاسم ابن محمد: أو ما بلغك شأن فاطمة بنت قيس؟ قالت: لا يضرك أن لا تذكر حديث فاطمة، فقال مروان بن الحكم: إن كان بك شر فحسبك ما بين هاذين من الشر .
مطابقته للترجمة من حيث إن فيها بعض شيء من قصة فاطمة بنت قيس.
وإسماعيل هو ابن أبي أويس، ويحيى بن سعيد هو الأنصاري: والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، رضي الله تعالى عنهم، وسليمان بن يسار. ضد اليمين مولى ميمونة، ويحيى بن سعيد بن العاص بن أمية، وكان أبوه أمير المدينة لمعاوية، ويحيى هو أخو عمرو بن سعيد المعروف بالأشدق، وبنت عبد الرحمن بن الحكم هي بنت أخي مروان الذي كان أمير المدينة أيضا لمعاوية حينئذ، وولي الخلافة بعد ذلك، واسمها: عمرة.
والحديث أخرجه أبو داود أيضا في الطلاق عن القعنبي عن مالك.
قوله: (أنه) أي: أن يحيى بن سعيد (سمعهما) أي: سمع القاسم ابن محمد وسليمان بن يسار. قوله: (فانتقلها) أي: نقلها عبد الرحمن بن الحكم أبوها من مسكنها الذي طلقت فيه. قوله: (فأرسلت عائشة) فيه حذف أي: سمعت عائشة بنقل عبد الرحمن بن الحكم بنته من مسكنها الذي طلقها فيه يحيى بن سعيد فأرسلت إلى مروان بن الحكم، وهو يومئذ أمير بالمدينة، تقول له عائشة: (اتق الله وارددها) أي: المطلقة المذكورة، يعني: احكم عليها بالرجوع
(٣٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 » »»