عمدة القاري - العيني - ج ٢٠ - الصفحة ٢٧٦
الشافعي ما ذكره في (الروضة) إذا وجد مانع من الجماع بعد مضي المدة المحسوبة نظر أهو فيها أم في الزوج؟. فإن كان فيها بأن كانت مريضة لا يمكن وطؤها أو محبوسة لا يمكن الوصول إليها، أو حائضا أو نفساء أو محرمة أو صائمة أو معتكفة لم يثبت لها الفيئة بالمطالبة لا فعلا ولا قولا، وإن كان المانع فيه فهو طبيعي وشرعي، فالطبيعي: أن يكون مريضا لا يقدر بن علي الوطء أو يخاف منه زيادة العلة أو بطء البرء فيطالب بالفيئة باللسان أو بالطلاق إن لم يف، والفيئة باللسان أن يقول: إذا قدرت فئت، واعتبر الشيخ أبو حامد أن يقول مع ذلك: ندمت بن علي ما فعلت، وإن كان مجوسا ظلما فكالمريض، وإن حبس في دين يقدر بن علي وفائه أمر بالأداء والفيئة بالوطء أو الطلاق، وأما الشرعي: فكالصوم والإحرام والظهار قبل التكفير ففيه وجهان: أحدهما: وهو الأصح: يطالب بالطلاق، والآخر: يقنع منه بفيئة اللسان. ومذهب أحمد إن كان العذر بالرجل طويلا أو عجز عن الوطء شرعا أو حسا فاء نطقا، وإن كان مظاهرا لم يطأ حتى يكفر. ومذهب مالك: لا مطالبة للمريضة التي لا تتحمل الجماع ولا للرتقاء ولا للحائض حالة الحيض، وإن كان للرجل مانع طبيعي كالمرض فلها مطالبته بالوعد والفيئة باللسان وتكفير اليمين، وإن كان شرعيا كالظهار والصوم والإحرام فليس لها المطالبة، وعليه أن يطلق إلا أن يقضي بالوطء. وقيل: لا يصح بالوطء المحرم، وقال ابن القاسم: إذا آلى وهي صغيرة لا يجامع مثلها لم يكن موليا حتى تبلغ الوطء، ثم يوقف بعد مضي أربعة أشهر منذ بلغت الوطء، قال: ولا يوقف الخصي بل إنما يوقف من قدر بن علي الجماع. وقال الشافعي: إذا لم يبق للخصي ما ينال به من المرأة ما يناله الصحيح بمغيب الحشفة فهو كالمجبوب فاء بلسانه ولا شيء عليه، وقال في موضع آخر: لا إيلاء بن علي مجبوب، واختاره المزني، وقال أبو حنيفة: ولو كان أحدهما محرما بالحج وبينه وبين وقت الحج أربعة أشهر لم يكن فيئه إلا بالجماع، وكذا المحبوس، وقال زفر: فيئه بالقول، وقال الشافعي: إذا آلى وهي بكر وقال: لا أقدر بن علي افتضاضها أجل أجل العنين.
فإن فاؤا رجعوا.
أشار به إلى أن معنى: فاؤا في قوله تعالى: * (فإن فاؤا فإن الله غفور رحيم) * (البقرة: 622) رجعوا عن اليمين، هكذا فسره أبو عبيدة في هذه الآية، يقال: فاء يفيء فيئا وأخرج الطبري عن إبراهيم النخعي قال: الفيء الرجوع باللسان، ومثله عن أبي قلابة، وعن سعيد بن المسيب والحسن وعكرمة: الفيء الرجوع بالقلب واللسان لمن به مانع عن الجماع، وفي غيره بالجماع.
9825 حدثنا إسماعيل بن أبي أويس عن أخيه عن سليمان عن حميد الطويل أنه سمع أنس بن مالك يقول: آلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، من نسائه وكانت انفكت رجله، فأقام في مشربة له تسعا وعشرين ثم نزل، فقالوا: يا رسول الله! آليت شهرا، فقال: الشهر تسع وعشرون.
ل: لا وجه لإيراد هذا الحديث في هذا الباب لأن الإيلاء المعقود له الباب حرام يأثم به من علم بحاله، فلا يجوز نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم. انتهى. قلت: يرد ما قاله ما رواه الترمذي: حدثنا الحسن بن قزعة البصري حدثنا مسلم بن علقمة حدثنا داود عن عامر عن مسروق عن عائشة رضي الله تعالى عنهما، قالت: آلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسائه وحرم، فجعل الحرام حلالا وجعل في اليمين كفارة. انتهى. قلت: فسر شيخنا زين الدين، رحمه الله قوله: وحرم فجعل الحرام حلالا، ليس قوله: فجعل، بيانا للتحريم في قوله: وحرم، ولو كان كذلك لقال: فجعل الحلال حراما، وإنما هو بيان لما جعله الله فيمن حرم حلالا، وعلى هذا فإما أن يكون فاعل حرم هو الله تعالى، أو يكون فاعله رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه الذي بين الحكم عن الله تعالى. قلت: فيه نظر قوي الأن قوله: وحرم. عطف بن علي قوله آلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكيف يكون فاعله هو الله تعالى؟ لأن فيه انفكاك الضمير فلا يجوز، ظاهر المعنى أنه صلى الله عليه وسلم حرم ثم جعل ذلك الحرام الذي كان في الأصل مباحا حلالا، ولهذا قال: وجعل في اليمين كفارة، لأن تحريم المباح يمين ففيه الكفارة، والذي يقال هنا إن المراد بالإيلاء المذكور في الآية الإيلاء الشرعي وهو الحلف بن علي ترك قربان امرأته أربعة أشهر أو أكثر، كما ذكرناه في أول الباب، والإيلاء المذكور في حديث الباب الإيلاء اللغوي وهو الحلف، فالمعنى
(٢٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 ... » »»