عمدة القاري - العيني - ج ٢٠ - الصفحة ٢٥٤
وطلاق كل قوم بلسانهم أي: قال إبراهيم: طلاق كل قوم من عربي وعجمي جائز بلسانهم، وروى ابن أبي شيبة عن ابن إدريس وجرير، فالأول: عن مطرف، والثاني: عن مغيرة كلاهما عن إبراهيم، قال: طلاق العجمي بلسانه جائز، وقال صاحب (المحيط): الطلاق بالفارسية المتعارفة أربعة: أحدها: لو قال لها: هشتم ترا، أو بهشتم ترا أززني، روى ابن رستم في (نوادره) عن أبي حنيفة: لا يكون طلاقا إلا بالنية لأن معناه يؤول إلى معنى التخلية ولفظ التخلية لا يصح إلا بالنية واللفظ الثاني: لو قال؛ بله كردم، واللفظ الثالث: لو قال: اي كشادة كردم، يقع راجعيا بلا نية. واللفظ الرابع: لو قال: دست باز داشتم، قيل: يكون رجعيا، وقيل: بائنا، ولو قال: جهار راه برتو كشاده است، لا يقع وإن نوى. ولو قال بالتركي: (بو شادم سني بر طلاق) تقع واحدة رجعية، ولو قال: (إيكي طلاق) يقع ثتنان، ولو قال: (أوج طلاق) يقع ثلاث.
وقال قتادة: إذا قال؛ إذا حملت فأنت طالق ثلاثا، يغشاها عند كل طهر مرة، فإن استبان حملها فقد بانت منه.
أي: قال قتادة بن دعامة: إذا قال رجل لامرأته: إذا حملت فأنت طالق ثلاثا، يغشاها أي؛ يجامعها في كل طهر مرة لا مرتين لاحتمال أنه بالجماع الأول صارت حاملا، فطلقت به. وقال ابن سيرين: يغشاها حتى تحمل، وبه قال الجمهور، وهذا التعليق وصله ابن أبي شيبة عن عبد الأعلى عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة نحوه.
وقال الحسن: إذا قال: إلحقي بأهلك، نيته أي: قال الحسن البصري: إذا قال لامرأته: إلحقي بأهلك تعتبر نيته أراد أنه كناية يعتبر فيه قصده إن نوى الطلاق وقع وإلا فلا. وروى عبد الرزاق بلفظ: هو ما نوى.
وقال ابن عباس: الطلاق عن وطر والعتاق ما أريد به وجه الله تعالى أي: قال ابن عباس: الطلاق عن حاجة أراد به أنه لا يطلق امرأته إلا عند الحاجة مثل النشوز، وكلمة: عن، تتعلق بمحذوف أي: الطلاق لا ينبغي وقوعه إلا عند الحاجة، والوطر بفتحتين، قال أهل اللغة: لا يبني منه فعل. قوله: والعتاق أريد به وجه الله، يعني: العتاق لله فهو مطلوب دائما.
وقال الزهري: إن قال: ما أنت بامرأتي نيته، وإن نوى طلاقا فهو ما نوى أي: قال محمد بن مسلم الزهري: إن قال رجل لامرأته: ما أنت بامرأتي تعتبر نيته، فإن نوى طلاقا فهو ما نوى، وبه قال مالك وأبو حنيفة والأوزاعي، وقال أبو يوسف ومحمد: ليس بطلاق، وقال الليث: هي كذبة.
وقال علي: ألم تعلم أن القلم رفع عن ثلاثة: عن المجنون حتى يفيق. وعن الصبي حتى يدرك وعن النائم حتى يستيقظ أي: قال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: ألم تعلم؟ يخاطب به عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنه، وذلك أن عمر أتى بمجنونة قد زنت وهي حبلى، فأراد أن يرجمها، فقال علي له: ألم تعلم... إلى آخره، وذكر بصيغة جزم لأنه حديث ثابت، وقال ابن المنذر: ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: رفع القلم... الحديث، وهذا التعليق رواه ابن حبان في (صحيحه) مرفوعا من حديث ابن وهب عن جرير عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس عن علي، رضي الله تعالى عنهم، ورواه أبو داود والنسائي من رواية أبي ظبيان عن ابن عباس، قال: مر بن علي علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، بمجنونة، وفيه فقال علي: أو ما تذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون المغلوب بن علي عقله، عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم؟ قال: صدقت) ورواه ابن ماجة من رواية ابن جريج عن القاسم بن يزيد عن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
(٢٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 ... » »»