عمدة القاري - العيني - ج ١٦ - الصفحة ٢١١
إسحاق: أثني عشر رجلا معه وهو ثالث عشر، ومنهم: كليب بن البكير الليثي وله ولأخوته عاقل وعامر وإياس صحبة. قوله: (مات منهم سبعة) أي: سبعة أنفس، وعاش الباقون. قوله: (فلما رأى ذلك رجل) قيل: هو من المهاجرين يقال له: حطان التيمي اليربوعي. قوله: (برنسا) بضم الباء الموحدة وسكون الراء وضم النون: وهي قلنسوة طويلة، وقيل: كساء يجعله الرجل في رأسه، وفي رواية ابن سعد بإسناد ضعيف منقطع، قال: فطعن أبو لؤلؤة نفرا، فأخذ أبا لؤلؤة رهط من قريش منهم عبد الله بن عوف وهاشم ابن عتبة الزهريان ورجل من بني سهم وطرح عليه عبد الله بن عوف خميصة كانت عليه، فإن ثبت هذا يحمل على أن الكل اشتركوا في ذلك، وروى ابن سعد عن الواقدي بإسناد آخر: أن عبد الله بن عوف المذكور احتز رأس أبي لؤلؤة. قوله: (فلما ظن العلج أنه مأخوذ نحر نفسه) وقال الكرماني: رمى رجل من أهل العراق برنسه عليه وبرك على رأسه، فلما علم أنه لا يستطيع أن يتحرك قتل نفسه. قوله: (فقدمه) أي: فقدم عمر عبد الرحمن بن عوف للصلاة بالناس، وقد كان ذلك بعد أن كبر عمر وقال مالك: قبل أن يدخل في الصلاة. قوله: (صلاة خفيفة) في رواية ابن إسحاق: بأقصر سورتين من القرآن: إنا أعطيناك، وإذا جاء نصر الله والفتح. قوله: (قال: يا ابن عباس أنظر من قتلني) وفي رواية ابن إسحاق: فقال عمر، رضي الله تعالى عنه: يا عبد الله ابن عباس أخرج فناد في الناس! أعن ملاء منكم كان هذا؟ فقالوا: معاذ الله ما علمنا ولا اطلعنا. قوله: (قال: الصنع!) أي: قال عمر: أهو الصنع؟ بفتح الصاد المهملة وفتح النون أي: الصانع، وفي رواية ابن أبي شيبة وابن سعد: الصناع، بتخفيف النون، وقال في (الفصيح): رجل صنع اليد واللسان، وامرأة صناع اليد، وفي (نوادر أبي زيد): الصناع يقع على الرجل والمرأة، وكذلك الصنع، وكان هذا الغلام نجارا، وقيل: نحاتا للأحجار، وكان مجوسيا، وقيل: كان نصرانيا. قوله: (منيتي)، بفتح الميم وكسر النون وتشديد الياء آخر الحروف: أي موتى، هذه رواية الكشميهني، وفي رواية غيره: ميتتي، بكسر الميم وسكون الياء آخر الحروف بعدها تاء مثناة فوق أي: قتلتي على هذا النوع، فإن الميتة على وزن: الفعلة، بكسر الفاء، وقد علم أن الفعلة بالكسر للنوع وبالفتح للمرة. قوله: (رجل يدعي الإسلام) وفي رواية ابن شهاب: فقال: الحمد لله الذي لم يجعل قاتلي يحاجني عند الله بسجدة سجدها له قط، ويستفاد من هذا: أن المسلم إذا قتل متعمدا يرجى له المغفرة، خلافا لمن قال من المعتزلة وغيرهم: إنه لا يغفر له أبدا. قوله: (قد كنت أنت وأبوك) خطاب لابن عباس، وفي رواية ابن سعد من طريق محمد بن سيرين عن ابن عباس، فقال عمر: هذا من عمل أصحابك، كنت أريد أن لا يدخلها علج من السبي، فغلبتموني. قوله: (فقال: إن شئت فعلت) أي: فقال ابن عباس: إن شئت! يخاطب به عمر، و: فعلت، بضم التاء، وقد فسره بقوله: أي: إن شئت قتلنا. وقال ابن التين: إنما قال له ذلك لعلمه بأن عمر، رضي الله تعالى عنه، لا يأمره بقتلهم. قوله: (كذبت)، هو خطاب من عمر لابن عباس، وهذا على ما ألفوا من شدة عمر في الدين، وكان لا يبالي من مثل هذا الخطاب، وأهل الحجاز يقولون: كذبت في موضع أخطأت. قلت: هنا قرينة في استعمال كذبت موضع أخطأت غير موجه. قوله: (فاحتمل إلى بيته) قال عمرو بن ميمون: فبعد ذلك احتمل عمر إلى بيته. قوله: (فأتى بنبيذ فشرب) المراد بالنبيذ هنا: تمرات كانوا ينبذونها في ماء أي: ينقعونها لاستعذاب الماء من غير اشتداد ولا إسكار. قوله: (فخرج من جوفه) أي: من جرحه، وهكذا رواية الكشميهني، وهي الصواب وفي رواية ابن شهاب: فأخبرني سالم، قال: سمعت عبد الله بن عمر يقول: قال عمر: أرسلوا إلى طبيب ينظر إلى جرحي، قال: فأرسلوا إلى طبيب من العرب فسقاه نبيذا فشيب النبيذ بالدم حين خرج من الطعنة التي تحت السرة، قال: فدعوت طبيبا آخر من الأنصار، فسقاه لبنا فخرج اللبن من الطعن أبيض، فقال: اعهد يا أمير المؤمنين، فقال عمر: صدقني، ولو قال غير ذلك لكذبته. قوله: (وجاء الناس يثنون عليه) وفي رواية الكشميهني: فجعلوا يثنون عليه، وفي رواية ابن سعد من طريق جويرية بن قدامة: فدخل عليه الصحابة ثم أهل المدينة ثم أهل الشام ثم أهل العراق، فكلما دخل عليه قوم بكوا وأثنوا عليه، وأتاه كعب أي: كعب الأحبار، فقال: ألم أقل لك إنك لا تموت إلا شهيدا وأنت تقول: من أين وأنى في جزيرة العرب؟ قوله: (وجاء رجل شاب) وفي رواية كتاب الجنائز التي تقدمت: وولج عليه شاب من الأنصار. قوله: (وقدم) بفتح القاف أي: فضل، وجاء بكسر القاف أيضا بمعنى: سبق في الإسلام، ويقال: معناه بالفتح سابقة، ويقال لفلان قدم صدق أي: إثرة حسنة. وقال الجوهري: القدم السابقة في الأمر. قوله: (قد علمت) في محل الرفع على
(٢١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 ... » »»