عمدة القاري - العيني - ج ١٥ - الصفحة ٤٩
وثلث ماله عن أبي أسامة حماد بن أسامة نحو حديث البخاري وطوله غير أنه خالفه في موضع واحد وهو قوله أصاب كل امرأة من نسائه ألف ألف ومائة ألف لا كما في البخاري مائتا ألف وعلى هاتين الروايتين لا يصح قسمة خمسين ألف ألف ومائتي ألف على دينه ووصيته وورثته وإنما يصح قسمتها أن لو كان لكل امرأة ألف ألف فيكون الثمن أربعة آلاف ألف فتصح قسمة الورثة من اثنين وثلاثين ألف ألف ثم يضاف إليها الثلث ستة عشرة ألف ألف فتصير الجملتان ثمانية وأربعين ألف ألف ثم يضاف إليها الدين ألف ألف ومائتا ألف ومنها تصح * ورواية ابن سعد تصح من خمسة وخمسين ألف ألف ورواية البخاري تصح من تسعة وخمسين أو اثنين وخمسين ألف ألف ومائتي ألف فهذه تركته عند موته لا ما زاد عليها بعد موته من غلة الأرضين والدور في مدة أربع سنين قبل قسمة التركة ويدل عليه ما رواه الواقدي عن أبي بكر بن سبرة عن هشام عن أبيه قال كان قيمة ما ترك الزبير أحدا وخمسين أو اثنين وخمسين ألف ألف وروى ابن سعد عن القعنبي عن ابن عيينة قال قسم ميراث الزبير على أربعين ألف ألف وذكر الزبير بن بكار عن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير في بني عدي عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل زوج الزبير أن عبد الله بن الزبير أرسل إليها بثمانين ألف درهم وقبضتها وصالحت عليها قال الدمياطي وبين قول الزبير بن بكار هذا وبين قول غيره بون بعيد والعجب من الزبير مع سعة علمه فيه وتنفيره عنه كيف خفي عليه وما تصدى لتحرير ذلك كما ينبغي (ذكر بيان قصة وقعة الجمل) ملخصة مختصرة كانت وقعة الجمل عام ستة وثلاثين من الهجرة وكان قتل عثمان بن عفان سنة خمس وثلاثين وكانت عائشة بمكة وكذلك أمهات المؤمنين قد خرجن إلى الحج في سنة خمس وثلاثين فرارا من الفتنة ولما بلغ أهل مكة أن عثمان قد قتل أقمن بمكة ثم لما بويع علي رضي الله تعالى عنه كان أحظى الناس عنده بحكم الحال لا عن اختيار علي لذلك رؤس أولئك الذين قتلوا عثمان رضي الله تعالى عنه وفر جماعة من بني أمية وغيرهم إلى مكة وخرج طلحة والزبير في الاعتمار وتبعهم خلق كثير وجم غفير وقدم إلى مكة أيضا في هذه الأيام يعلى بن أمية ومعه ستمائة ألف ألف درهم وستمائة بعير فأناخ بالأبطح وقيل كان معه ستمائة ألف دينار وقدم ابن عامر من البصرة بأكثر من ذلك فاجتمع بنو أمية بالأبطح وقامت عائشة في الناس تحضهم على القيام بطلب دم عثمان وطاوعوها في ذلك وخرجوا وتوجهوا نحو البصرة وكانت عائشة تحمل في هودج على جمل اسمه عسكر اشتراه يعلى بن أمية من رجل من عرينة بمائتي دينار وكان هذا هو الذي يدلهم على الطريق وكانوا لا يمرون على ماء ولا واد إلا سألوه عنه حتى وصلوا إلى موضع يسمى حوءب بفتح الحاء المهملة وسكون الواو وفتح الهمزة وفي آخره باء موحدة وهو ماء قريب من البصرة فنبحت كلابه فقالوا أي ماء هذا قال الدليل هذا ماء الحوأب فحين سمعت عائشة بذلك صرخت بأعلى صوتها وضربت عضد بعيرها فأناخته فقالت أنا والله صاحبة الحوأب ردوني ردوني تقول ذلك فأناخوا حولها وهم على ذلك وهي تأبى المسير حتى إذا كانت الساعة التي أناخت فيها من الغد جاءها عبد الله بن الزبير فقال النجاء النجاء فقد أدرككم علي ابن أبي طالب فعند ذلك رحلوا وأما حديث الحوأب فأخرجه أحمد في مسنده عن عائشة قالت أن رسول الله قال لي ذات يوم كيف بإحداكن إذا نبحتها كلاب الحوأب فعرفت الحال عند ذلك فأرادت الرجوع * وأما علي رضي الله تعالى عنه فإنه خرج في آخر شهر ربيع الآخر في سنة ست وثلاثين من المدينة في تسعمائة مقاتل وقيل لما بلغ عليا مسير عائشة وطلحة وزبير إلى البصرة سار نحوهم في أربعة آلاف من أهل المدينة فيهم أربعمائة ممن بايعوا تحت الشجرة وثمانمائة من الأنصار ورايته مع ابنه محمد بن الحنفية وعلى ميمنته الحسن بن علي وعلى ميسرته الحسين بن علي وعلى الخيل عمار بن ياسر وعلى الرجالة محمد بن أبي بكر الصديق وعلى مقدمته عبد الله بن عباس ثم اجتمعوا كلهم عند قصر عبيد الله بن زياد ونزل الناس في كل ناحية وقد اجتمع مع علي رضي الله تعالى عنه عشرون ألفا والتفت على عائشة رضي الله تعالى عنها ومن معها نحو من ثلاثين ألفا وقامت الحرب على ساقها فتصافوا وتصاولوا وتجاولوا وكان من جملة من يبارز الزبير وعمار فحمل عمار نحوه بالرمح
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»