اللحية، بفتح الكاف، وقوم: كث، بالضم. قوله: (محلوق)، وفي مسلم: محلوق الرأس، وفي (الكامل) للمبرد: رجل مضطرب الخلق أسود، وأنه يكون لهذا ولأصحابه نبأ. وفي (التوضيح): وفي الحديث أنه لا يدخل النار من شهد بدرا ولا الحديبية حاشا رجلا معروفا منهم، قيل: هو حرقوص، ذكره شيخنا العمري. وفي التعليق: أنه أصول الخوارج. قوله: (من يطع الله إذا عصيت؟) أي: إذا عصيته؟. وفي مسلم: من يطع الله إن عصيته؟ قوله: (فسأله رجل قتله)، أي: فسأل النبي صلى الله عليه وسلم رجل قتل هذا القائل. قوله: (أحسبه) أي: أظن أن هذا السائل هو خالد بن الوليد، كذا جاء على الحسبان، وجاء في الصحيح: أنه خالد من غير حسبان، وفي رواية أخرى: أنه عمر بن الخطاب، ولا تنافى في هذا لأنهما كأنهما سألا جميعا. قوله: (فمنعه)، أي: منع خالدا عن القتل، وذلك لئلا يتحدث الناس أنه يقتل أصحابه، فهذه هي العلة، وسلك معه مسلكه مع غيره من المنافقين الذين آذوه وسمع منهم في غير موطن ما كرهه، ولكنه صبر استبقاء لانقيادهم وتأليفا لغيرهم حتى لا ينفروا. قوله: (من ضئضئي)، بكسر الضادين المعجمتين وسكون الهمزة الأولى، وهو الأصل، والعقب، وحكي إهمالهما عن بعض رواة مسلم فيما حكاه القاضي، وهو شائع في اللغة، وقال ابن سيده: الضئضئي والضؤضؤ: الأصل، وقيل: هو كثرة النسل، وقال في المهملة: الصئصئي والسئصئي، كلاهما: الأصل عن يعقوب، وحكى بعضهم صئصئين، بوزن: قنديل، حكاه ابن الأثير، وقال النووي: قالوا: لأصل الشيء أسماء كثيرة، منها: الضئضئن بالمعجمتين والمهملتين، والنجار بكسر النون، والنحاس، والسنخ بكسر السين وإسكان النون وبخاء معجمة، والعيص، والأرومة. قوله: (حناجرهم)، جمع: حنجرة، هي رأس العلصمة حيث تراه ناتئا من خارج الحلق. وقال ابن التين: معناه: لا يرفع في الأعمال الصالحة وقال عياض: لا تفقه قلوبهم ولا ينتفعون بما يتلو منه ولا لهم حظ سوى تلاوة الفم، وقيل: معناه: لا يصعد لهم عمل ولا تلاوة ولا تتقبل. قوله: (يمرقون من الدين)، وفي رواية: من الإسلام، أي: يخرجون منه خروج السهم إذا نفذ من الصيد من جهة أخرى، ولم يتعلق بالسهم من دمه شيء، وبهذا سميت الخوارج: المراق، والدين هنا: الطاعة، يريد أنهم يخرجون من طاعة الأئمة كخروج السهم من الرمية، والرمية بفتح الراء على وزن فعيلة من الرمي بمعنى مفعوله، فقال الداودي: الرمية الصيد المرمي، وهذا الذي ذكره صفات الخوارج الذين لا يدينون للأئمة ويخرجون عليهم. قوله: (يقتلون أهل الإسلام)، كذلك فعل الخوارج. قوله: (ويدعون)، أي: يتركون أهل الأوثان وهو جمع وثن، وهو كل ما له جثة معمولة من جواهر الأرض أو من الخشب والحجارة كصورة الآدمي، يعمل وينصب فيعبد، وهذا بخلاف الصنم فإنه الصورة بلا جثة، ومنهم من لم يفرق بينهما. قيل: لما خرج إليهم عبد الله بن خباب رسولا من عند علي، رضي الله تعالى عنه، فجعل يعظهم، فمر أحدهم بتمرة لمعاهد فجعلها في فيه، فقال بعض أصحابه: تمرة معاهد فيم استحللتها؟ فقال لهم عبد الله بن خباب: أنا أدلكم على ما هو أعظم حرمة، رجل مسلم يعني نفسه فقتلوه فأرسل إليهم علي، رضي الله تعالى عنه، أن أقيدونا به، فقالوا: كيف نقيدك به وكلنا قتله؟ فقاتلهم علي فقتل أكثرهم، قيل: كانوا خمسة آلاف، وقيل: كانوا عشرة آلاف. قوله: (لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد)، قد ذكرنا معناه عند ذكر المطابقة بين الحديث والترجمة، ويروى: قتل ثمود. فإن قلت: أليس قال: لئن أدركتهم؟ وكيف ولم يدع خالدا، رضي الله تعالى عنه، أن يقتله وقد أدركه؟ قلت: إنما أراد إدراك زمان خروجهم إذا كثروا وامتنعوا بالسلاح واعترضوا الناس بالسيف، ولم تكن هذه المعاني مجتمعة إذ ذاك، فيوجد الشرط الذي علق به الحكم، وإنما أنذر صلى الله عليه وسلم أن يكون في الزمان المستقبل، وقد كان كما قال صلى الله عليه وسلم، فأول ما يحم هو في أيام علي، رضي الله تعالى عنه. فإن قلت: المال الذي أعطى رسول الله، صلى الله عليه وسلم أولئك المؤلفة قلوبهم من أي مال كان؟ قلت: قال بعضهم: من خمس الخمس، ورد بأنه ملكه، وقيل: من رأس الغنيمة، وأنه خاص به لقوله تعالى: * (قل الأنفال لله والرسول) * (الأنفال: 1). ورد بأن الآية منسوخة، وذلك أن الأنصار لما انهزموا يوم حنين فأيد الله رسوله وأمده بالملائكة فلم يرجعوا حتى كان الفتح، رد الله الغنائم إلى رسوله من أجل ذلك، فلم يعطهم منها شيئا، وطيب نفوسهم، بقوله: وترجعون برسول الله إلى رحالكم، بعدما فعل ما أمر به، واختيار أبي عبيدة: أنه كان من الخمس لا من خمس الخمس ولا من رأس الغنيمة، وأنه جائز للإمام أن يصرف الأصناف المذكورة في آية الخمس حيث يرى أن فيه مصلحة للمسلمين، ولكن ينبغي أن يعلم أولا أن هذا الذهب ليس من غنيمة حنين ولا خيبر ولا من الخمس وقد فرقها كلها.
(٢٣١)