عمدة القاري - العيني - ج ١٥ - الصفحة ١٦٧
وأبي بن كعب رضي الله تعالى عنهما * وقال آخرون الواجب أن ينكر بقلبه وينبغي لمن أمر بمعروف أن يكون كامل الخير لا وصم فيه وقد قال شعيب عليه الصلاة والسلام وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إلا أنه يجب عند الجماعة أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر من لا يفعل ذينك * وقال جماعة من الناس يجب على متعاطي الكاس أن ينهى جماعة الجلاس * وفيه وصف جهنم بأمر عظيم روى مسلم عن ابن مسعود مرفوعا ' يؤتى بجهنم يوم القيامة لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها ' ولابن وهب عن زيد بن أسلم عن علي رضي الله تعالى عنه مرفوعا ' فبينما هم يجرونها إذ شردت عليهم شردة فلوا أنهم أدركوها لأحرق من في الجمع ' (رواه غندر عن شعبة عن الأعمش) أي روى الحديث المذكور غندر وهو محمد بن جعفر عن شعبة عن سليمان الأعمش وهذا التعليق وصله البخاري في كتاب الفتن * - 11 ((باب صفة إبليس وجنوده)) أي: هذا باب في بيان صفة إبليس، وفي بيان جنوده. والكلام في صفته وحقيقة أمره على أنواع:
الأول في اسمه: هل هو مشتق أو لا؟ فقال جماعة: هو اسم أعجمي، ولهذا منع من الصرف للعلمية والعجمة، وقال ابن الأنباري: لو كان عربيا لصرف كإكليل، وقال الطبري: إنما لم يصرف وإن كان عربيا لقلة نظيره في كلام العرب، فشبهوه بالعجمي، وهذا فيه نظر، لأن كون قلة نظيره في كلام العرب ليس علة من العلل المانعة لاسم من الصرف، وقال قوم: هو اسم عربي مشتق من: أبلس، إذا يئس. وقال الجوهري: أبلس من رحمة الله إذا يئس، ومنه سمي إبليس، وكان اسمه: عزازيل، قيل: من ادعى أنه عربي فقد غلط ووجهه ما ذكرناه، ولكن روى الطبري عن ابن أبي الدنيا عن ابن عباس، قال: كان اسم إبليس حيث كان عند الملائكة عزازيل، ثم أبلس بعد، وهذا يؤيد قول من ادعى أنه عربي، وعن ابن عباس: أن اسمه الحارث. وأما كنيته، فقيل: كانت كنيته أبا مرة، وقيل: أبو العمر، وقيل: أبو كردوس.
النوع الثاني: في بيان أصل خلقه روى الطبري من حديث حجاج عن ابن جريج عن صالح مولى التؤمة وشريك عن ابن عباس قال: إن من الملائكة قبيلة من الجن، وكان إبليس منها، وعن ابن عباس: سمي قبيلة الجن لأنهم خزان الجنة، وعن ابن عباس، قال: إبليس حي من أحياء الملائكة، يقال لهم: الجن، خلقوا من نار السموم، وخلقت الملائكة كلهم من النور غير هذا الحي. وعن الحسن البصري: إنه من الشياطين، ولم يكن من الملائكة قط، واحتج بقوله تعالى: * (إلا إبليس كان من الجن) * (الكهف: 05). وقال مقاتل: لا من الملائكة ولا من الجن، بل هو خلق منفردا من النار كما خلق آدم، عليه الصلاة والسلام، من الطين. وقال شهر بن حوشب: كان إبليس من الجن الذين يعملون في الأرض الفساد، فأسره بعض الملائكة فذهب به إلى السماء، ويقال: كان نوع من الجن سكان الأرض، وكان فيهم الملك والنبوة والدين والشريعة، فاستمروا على ذلك مدة، ثم طغوا وأفسدوا وجحدوا الربوبية وسفكوا الدماء، فأرسل الله إليهم جندا من السماء فقاتلوا معهم قتالا شديدا فطردهم إلى جزائر البحر، وأسروا منهم خلقا كثيرا، وكان فيمن أسر: عزازيل، وهو إذ ذاك صبي، ونشأ مع الملائكة وتكلم بكلامهم وتعلم من علمهم، وأخذ يسوسهم وطالت أيامه حتى صار رئيسا فيهم حتى أراد الله تعالى خلق آدم، واتفق له ما اتفق. وروى عكرمة عن ابن عباس، أنه قال: إبليس أصل الجان والشياطين، وهو أبو الكل، وروى مجاهد عنه أنه قال: الجان أبو الجن كلهم، كما أن آدم أبو البشر.
النوع الثالث: في حده وصفته: أما حده: فما ذكره الماوردي في (تفسيره) هو شخص روحاني خلق من نار السموم، وهو أبو الشياطين، وقد ركبت فيهم الشهوات، مشتق من الإبلاس وهو اليأس من الخير. وأما صفته: فما قاله الطبري: كان الله قد حسن خلقه وشرفه وكرمه وملكه على سماء الدنيا والأرض، وجعله مع ذلك من خزائن الجنة، فاستكبر على الله تعالى وادعى الربوبية، ودعا من كان تحت يده إلى طاعته وعبادته، فمسخه الله شيطانا رجيما، وشوه خلقه وسلبه ما كان خوله، ولعنه
(١٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 ... » »»