عمدة القاري - العيني - ج ١٥ - الصفحة ١٦٦
ذكره هذا هنا مع أنه ذكره في: باب ذكر الملائكة، لمطابقة قوله: يا مالك، للترجمة المذكورة، لأن المراد من: مالك، هو خازن جهنم، وهناك أخرجه: عن علي بن عبد الله عن سفيان عن عمرو إلى آخره، وقد ذكر هناك، وقال سفيان: وقال في قراء عبد الله: يا مال، بالترخيم، كما ذكرناه.
74 - (حدثنا علي قال حدثنا سفيان عن الأعمش عن أبي وائل قال قيل لأسامة لو أتيت فلانا فكلمته قال إنكم لترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم إني أكلمه في السر دون أن أفتح بابا لا أكون أول من فتحه ولا أقول لرجل أن كان علي أميرا إنه خير الناس بعد شيء سمعته من رسول الله قالوا وما سمعته يقول قال سمعته يقول يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتابه في النار فيدور كما يدور الحمار برحاه فيجتمع أهل النار عليه فيقولون أي فلان ما شأنك أليس كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر قال كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن المنكر وآتيه) مطابقته للترجمة من حديث أن فيه ذكر النار التي هي جهنم وعلي هو ابن عبد الله المعروف بابن المديني وسفيان هو ابن عيينة والأعمش هو سليمان وأبو وائل هو شقيق بن سلمة وأسامة هو ابن زيد بن حارثة حب النبي والحديث أخرجه البخاري أيضا في الفتن عن بشر بن خالد وأخرجه مسلم في آخر الكتاب عن يحيى بن يحيى وأبي بكر وابن نمير وإسحاق وأبي كريب خمستهم عن أبي معاوية وعن عثمان عن جرير (ذكر معناه) قوله ' لو أتيت ' جواب لو محذوف أو هي للتمني فلا يحتاج إلى جواب قوله ' فلانا ' أراد به عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه قوله ' فكلمته ' أي فيما يقع من الفتنة بين الناس والسعي في إطفاء نائرتها قاله الكرماني وفي التوضيح أراد أن يكلمه في شأن أخيه لأمه الوليد بن عتبة لما شهد عليه بما شهد فقيل لأسامة ذلك لكونه كان من خواص عثمان قوله ' إنكم لترون أني لا أكلمه ' اي أنكم لتظنون أني لا أكلمه قوله ' إلا أسمعكم ' أي أني لا أكلمه إلا بحضوركم وأنتم تسمعون وأسمعكم بضم الهمزة من الإسماع ويروى إلا بسمعكم بصيغة المصدر قوله ' إني أكلمه سرا ' أي في السر دون أن أفتح باب من أبواب الفتن حاصله أكلمه طلبا للمصلحة لا تهييجا للفتنة لأن المهاجرة على الأمراء بالإنكار يكون فيه نوع القيام عليهم لأن فيه تشنيعا عليهم يؤدي إلى افتراق الكلمة وتشتيت الجماعة قوله ' لا أكون أول من فتحه ' أي أول من فتح باب من أبواب الفتنة قوله ' إن كان ' بفتح الهمزة أي لأن كان قوله ' فتندلق أقتابه ' أي تنصب أمعاؤه من جوفه وتخرج من دبره والاندلاق بالدال المهملة والقاف الخروج بالسرعة ومنه دلق السيف واندلق إذا خرج من غير سل والأقتاب جمع قتب بالكسر وهي الأمعاء والقتب مؤنثة وتصغيره قتيبة ومنه سمي الرجل قتيبة قوله ' أي فلان ' يعني يا فلان ما شأنك أي ما حالك التي أنت فيها قوله ' ألست ' الهمزة فيه للاستفهام على سبيل الاستخبار قوله ' بالمعروف ' وهو اسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله عز وجل والتقرب إليه والإحسان إلى الناس وكل ما ندب إليه الشرع ونهى عنه من المحسنات والمقبحات وهو من الصفات الغالبة أي أمر معروف بين الناس لا ينكرونه والمنكر ضد المعروف وكل ما قبحه الشرع وحرمه وكرهه فهو منكر فيه الأدب مع الأمراء واللطف بهم ووعظهم سرا وتبليغهم قول الناس فيهم ليكفوا عنه هذا كله إذا أمكن فإن لم يمكن الوعظ سرا فليجعله علانية لئلا يضيع الحق * لما روى طارق بن شهاب قال قال رسول الله ' أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ' وأخرجه الترمذي من حديث أبي سعيد بإسناد حسن قال الطبري معناه إذا أمن على نفسه أو أن يلحقه من البلاء ما لا قبل له به روي ذلك عن ابن مسعود وحذيفة وهو مذهب أسامة * وقال آخرون الواجب على من رأى منكرا من ذي سلطان أن ينكره علانية كيف أمكنه روي ذلك عن عمر
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»