عمدة القاري - العيني - ج ١٥ - الصفحة ١٣٠
ومنهم ملائكة القبور. ومنهم سياحون في الأرض يبتغون مجالس الذكر. ومنهم كروبيون وروحانيون وحافون ومقربون. ومنهم ملائكة تقذف الشياطين بالشهاب. ومنهم حملة العرش. ومنهم موكلون بصخرة بيت المقدس. ومنهم موكلون بالمدينة. ومنهم موكلون بتصوير النطف. ومنهم ملائكة يبلغون السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أمته. ومنهم من يشهد الحروب مع المجاهدين. ومنهم خزان أبواب السماء. ومنهم الموكلون بالنار. ومنهم ملائكة يسمون الزبانية. ومنهم من يغرسون أشجار الجنة. ومنهم من يصوغون حلى أهل الجنة. ومنهم خدم أهل الجنة. ومنهم من نصفه ثلج ونصفه نار، وقد ذكر البخاري في أحاديث الباب منهم جماعة كما ترجمه.
ذكر رجاله وهم خمسة: الأول: الحسن بن الربيع ضد الخريف ابن سليمان البجلي الكوفي، يعرف بالبوراني، بضم الباء الموحدة وسكون الواو وبالراء. قال أبو حاتم: كنت أحسب الحسن مكسور العنق لانحنائه حتى قيل: إنه لا ينظر إلى السماء حياء من الله تعالى. الثاني: أبو الأحوص سلام بالتشديد ابن سليم الحنفي، مولى بني حنيفة الكوفي. الثالث: سليمان الأعمش. الرابع: زيد بن وهب أبو سليمان الهمداني الكوفي، خرج إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقبض النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الطريق. الخامس: عبد الله بن مسعود، وهؤلاء كلهم كوفيون.
وقيل هذا الحديث رواه جماعة، منهم: سفيان بن عيينة عن الأعمش إلى قوله: شقي أو سعيد، كلام رسول الله، صلى الله عليه وسلم وما بعده كلام ابن مسعود، وقد رواه عبد الرحمن بن حميد الرواسي عن الأعمش فاقتصر من المتن على المرفوع فحسب، ورواه بطوله سلمة بن كهيل عن زيد بن وهب ففصل كلام ابن مسعود من كلام رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ثم قال بعد ذكر الشقاوة والسعادة: قال عبد الله: والذي نفسي بيده، إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة... الحديث. وأخرجه مسلم من حديث الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الله قال: حدثنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم... إلى آخره نحوه، غير أن بعد قوله: وشقي أو سعيد: فوالذي لا إل 1764; ه غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها. انتهى. والحديث رواه البخاري أيضا في القدر عن أبي الوليد وفي التوحيد عن آدم. وأخرجه مسلم في القدر عن ابن أبي شيبة وعن محمد بن عبد الله بن نمير وعن عثمان ابن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم وعن أبي سعيد الأشج وعن عبد الله بن معاذ وأخرجه أبو داود عن حفص بن عمرو ومحمد بن كثير. وأخرجه الترمذي في القدر عن هناد وعن محمد بن بشار وعن علي بن حجر. وأخرجه ابن ماجة في السنة عن علي بن محمد عن وكيع ومحمد بن فضيل وأبي معاوية وعن علي بن ميمون، وأنكر عمرو بن عبيد هذا الحديث وكان من زهاد القدرية ولا اعتبار لإنكاره.
ذكر معناه: قوله: (وهو الصادق المصدوق) أي: الصادق في قوله وفيما يأتيه من الوحي، والمصدوق أن الله تعالى صدقه في وعده. وقال الكرماني: المصدوق أي: من جهة جبريل، عليه الصلاة والسلام، أو المصدق يعني بتشديد الدال المفتوحة. وقال الطيبي: الأولى أن تجعل هذه الجملة اعتراضية لا حالية فتعم الأحوال كلها، وأن يكون من عاداته ودأبه ذلك فما أحسن موقعه هنا. قوله: (يجمع)، على صيغة المجهول، قالوا: بمعنى الجمع أن النطفة إذا وقعت في الرحم وأراد الله أن يخلق منها بشرا طارت في أطراف المرأة تحت كل شعرة وظفر فتمكث أربعين ليلة ثم تنزل دما في الرحم، فذلك جمعها. قوله: (أربعين يوما) هذه الأربعون الأولى النطفة فيها تجري في أطراف المرأة ثم تصير دما. قوله: (ثم تكون علقة) وهو الدم الغليظ الجامد وهذا في الأربعين الثاني، أشار إليه بقوله: (مثل ذلك) أي: مثل الأول أربعين يوما. قوله: (ثم تكون مضغة)، وهي قطعة من اللحم قدر ما يمضغ، وهذا في الأربعين الثالث، أشار إليه بقوله: (مثل ذلك) يعني مثل الثاني أربعين يوما. فإن قلت: إن الله قادر على أن يخلقه في لمحة، فما الحكمة في هذا المقدار؟ قلت: فيه حكم وفوائد. منها: أنه لو خلقه دفعة واحدة لشق على الأم لأنها لم تكن معتادة بذلك، وربما تهلك فجعل أولا نطفة لتعتاد بها مدة ثم تكون علقة وهلم جرا... إلى الولادة. ومنها: إظهار قدرة الله تعالى ونعمته ليعبدوه ويشكروا له حيث قلبهم في تلك الأطوار إلى كونهم إنسانا حسن الصورة متحليا بالعقل والشهامة
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»