عمدة القاري - العيني - ج ١٤ - الصفحة ٧٩
وقال أبو عمرو العبدي: السائحون الذين يديمون الصيام من المؤمنين، وقد ورد في حديث مرفوع نحو هذا، فقال ابن جرير: حدثني محمد بن عبد الله بن بزيغ حدثنا حكيم بن حزام حدثنا سليمان عن أبي صالح عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: السائحون: هم الصائمون، وروى أبو داود في (سننه) من حديث أبي أمامة أن رجلا قال: يا رسول الله! إئذن لي في السياحة. فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: (سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله). وعن عكرمة أنه قال: (هم طلبة العلم)، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: هم المهاجرون رواهما ابن أبي حاتم، وليس المراد من السياحة ما قد يفهمه من تعبد بمجرد السياحة في الأرض والتفرد في شواهق الجبال والكهوف والبراري، فإن هذا ليس بمشروع إلا في أيام الفتن والزلازل في الدين. قوله: * (الآمرون بالمعروف) * (التوبة: 211). وهو طاعة الله * (والناهون عن المنكر) * (التوبة: 211). وهو معصية الله، وإنما دخلت الواو فيها لأنها الصفة الثامنة، والعرب تعطف الواو على السبعة، ذكره جماعة من المفسرين. وقيل: إن الواو إنما دخلت على الناهين لأن الأمر بالشيء نهي عن ضده تبعا وضمنا، لا قصدا، فلو قال الناهون بغير: واو، لأشبه أن يريد النهي الذي هو تبع، فلما ذكر الواو بين أن المراد: الآمرون قصدا والناهون عن المنكر قصدا، ولذلك دخلت الواو أيضا. في * (والحافظون لحدود الله) * (التوبة: 211). إذ لو لم يذكر: الواو، لأوهم أن المعنى: يحفظون حدود الله من الأشياء التي تقدم ذكرها، فإن في كل شيء حدا لله، عز وجل، فقال: والحافظون، ليكون إخبارا لحفظهم الحدود في هذه الأشياء وغيرها.
قال ابن عباس الحدود الطاعة هذا التعليق وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه، في قوله: * (تلك حدود الله) * (البقرة: 781، 922، 032، النساء: 312، الطلاق: 1). يعني: طاعة الله، وكأنه تفسير باللازم، لأن من أطاع الله وقف عند امتثال أمره واجتناب نهيه.
2872 حدثنا الحسن بن صباح قال حدثنا محمد بن سابق قال حدثنا مالك بن مغول قال سمعت الوليد بن العيزار ذكر عن أبي عمر و الشيباني قال قال عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت يا رسول الله أي العمل أفضل قال الصلاة على ميقاتها قلت ثم أي قال ثم بر الوالدين قلت ثم أي قال الجهاد في سبيل الله فسكت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو استزدته لزادني.
.
مطابقته للترجمة في قوله: (الجهاد في سبيل الله). والحديث مضى في أوائل: مواقيت الصلاة، فإنه أخرجه هناك عن أبي الوليد عن شعبة عن الوليد بن العيزار. أخبرني، قال: سمعت أبا عمرو الشيباني... إلى آخره، واسم أبي عمرو الشيباني سعد بن إياس وقد مر الكلام فيه هناك واختلاف الأحاديث في أفضل الأعمال لاختلاف السائلين واختلاف مقاصدهم، أو باختلاف الوقت أو بالنسبة إلى بعض الأشياء. وقال الطبري: إنما خص، صلى الله عليه وسلم، هذه الثلاثة بالذكر لأنها عنوان على ما سواها من الطاعات، فإن من ضيع الصلاة المفروضة حتى خرج وقتها من غير عذر مع خفة مؤونتها وعظيم فضلها فهو لما سواها أضيع، ومن لم يبر والديه مع وفور حقهما عليه كان لغيرهما أقل برا، ومن ترك جهاد الكفار مع شدة عداوتهم للدين كان لجهاد غيرهم من الفساق أترك.
3872 حدثنا علي بن عبد الله قال حدثنا يحيى بن سعيد قال حدثنا سفيان قال حدثني منصور عن مجاهد عن طاووس عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا.
.
مطابقته للترجمة في قوله: (ولكن جهاد ونية...) إلى آخره، وعلي بن عبد الله المعروف بابن المديني، و يحيى بن سعيد هو القطان
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»