عمدة القاري - العيني - ج ١٤ - الصفحة ٧٧
والمرأتين، فلم يبق إلا شاهد واحد، فلذلك استحق الطالبان بيمينهما مع الشاهد الواحد. انتهى. ورد عليه بأنه ليس في شيء من طرق الحديث أنه كان هناك شاهد أصلا، بل في رواية الكلبي: (وسألهم البينة فلم يجدوا، فأمرهم أن يستحلفوا عديا بما يعظم على أهل دينه). والله أعلم.
63 ((باب قضاء الوصي دين الميت بغير محضر من الورثة)) أي: هذا باب في بيان جواز قضاء الوصي دين الميت، وفي بعض النسخ: ديون الميت بغير حضور الورثة، ولا خلاف بين العلماء في جواز ذلك.
1872 حدثنا محمد بن سابق أو الفضل بن يعقوب عنه قال حدثنا شيبان أبو معاوية عن فراس قال قال الشعبي حدثني جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما أن أباه استشهد يوم أحد وترك ست بنات وترك عليه دينا فلما حضر جداد النخل أتيت رسول الله، صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله قد علمت أن والدي استشهد يوم أحد وترك عليه دينا كثيرا وإني أحب أن يراك الغرماء قال اذهب فبيدر كل ثمر على ناحيته ففعلت ثم دعوت فلما نظروا إليه أغروا بي تلك الساعة فلما رأى ما يصنعون أطاف حول أعظمها بيدرا ثلاث مرات ثم جلس عليه ثم قال ادع أصحابك فما زال يكيل لهم حتى أدى الله أمانة والدي وأنا والله راض أن يؤدي الله أمانة والدي ولا أرجع إلى فسلم والله البيادر كلها أخواتي بتمرة حتى أني أنظر إلى البيدر الذي عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه لم ينقص تمرة واحدة.
.
مطابقته للترجمة من حيث أن جابر بن عبد الله أوفى دين والده بغير حضور أخواته اللاتي هن من الورثة، ومحمد بن سابق أبو جعفر التميمي مولاهم البغدادي البزاز، وأصله فارسي، كان بالكوفة، روى عنه البخاري هنا فقط بلا واسطة، مات سنة ثلاث وعشرين ومائتين، وروى عنه بواسطة في الجهاد وفي المغازي والنكاح والأشربة، ومع هذا تردد البخاري هنا حيث قال: محمد بن سابق أو الفضل بن يعقوب الرخامي البغدادي، روى عنه البخاري في البيوع والتوحيد والجزية وعمرة الحديبية، وهو من أفراده، وشيبان هو ابن عبد الرحمن النحوي أبو معاوية، سكن الكوفة، أصله بصري، وفراس، بكسر الفاء وتخفيف الراء وبالسين المهملة: ابن يحيى الهمداني أبو يحيى الحارثي الكوفي المكتب، والشعبي هو عامر بن شراحبيل من شعب همدان الكوفي.
والحديث مضى في مواضع في الاستقراض والصلح والهبة وغيرها، وسيأتي أيضا، وقد مضى الكلام فيه غير مرة.
قوله: (حضر جداد النخل) بفتح الجيم وكسرها، وهو: صرام النخل، وهو قطع ثمرتها يقال: جد الثمرة يجدها جدا. قوله: (فبيدر)، بفتح الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف وكسر الدال المهملة، أمر من: بيدر أي: اجعل كل صنف في بيدر، أي: جرين يخصه، والبيدر المكان الذي يداس فيه الطعام وهنا المكان الذي يجعل فيه التمر المجدود. قوله: (أغروا بي)، مشتق من الإغراء، وهو فعل ما لم يسم فاعله، أي: لهجوا، يقال: أغرى بكذا، إذا لهج به وأولع به، وقال ابن الأثير: وفي حديث جابر: (فلما رأوه أغروا بي تلك الساعة). أي: لجوا في مطالبتي، وألحوا. قوله: (ولا أرجع إلى أخواتي بتمرة؟) كذا هو في رواية الكشميهني، وفي رواية غيره: (تمرة)، بنزع الخافض.
قال أبو عبد الله أغروا بي يعني هيجوا بي فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء أبو عبد الله هو البخاري نفسه، فسر معنى (أغروا بي) بقوله: يعني: هيجوا بي، والمعنى أن الإغراء هو التهييج، وقال أبو عبيدة في (المجاز) في قوله: * (فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء) * (المائدة: 41). الإغراء: التهييج والإفساد.
بسم الله الرحمان الرحيم
(٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 ... » »»