عمدة القاري - العيني - ج ١٤ - الصفحة ٢٨٠
وأخرجه ابن ماجة في السنة عن ابن نمير به.
قوله: (ما حجبني النبي صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت)، أي: ما منعني مما التمست منه أو من دخول الدار، ولا يلزم منه النظر إلى أمهات المؤمنين. قوله: (في وجهي)، هذا هكذا في رواية السرخسي والكشميهني، وفي رواية غيرهما: في وجهه، وفي التفات من التكلم إلى الغيبة. قوله: (ولقد شكوت...) إلى آخره، مضى في: باب حرق الدور والنخيل عن قريب.
وفيه: أن الرجل الوجيه في قومه له حرمة ومكانة على من هو دونه، لأن جريرا كان سيد قومه. وفيه: أن لقاء الناس بالتبسم وطلاقة الوجه من أخلاق النبوة، وهو مناف للتكبر وجالب للمودة. وفيه: فضل الفروسية وأحكام ركوب الخيل، فإن ذلك مما ينبغي أن يتعلمه الرجل الشريف والرئيس. وفيه: أنه لا بأس للإمام أو للعالم إذا أشار إليه إنسان في مخاطبة أو غيرها أن يضع عليه يده ويضرب بعض جسده، وذلك من التواضع واستماله النفوس. وفيه: بركة دعوته، صلى الله عليه وسلم، لأنه جاء في الحديث أنه ما سقط بعد ذلك من الخيل.
361 ((باب دواء الجرح بإحراق الحصير وغسل المرأة عن أبيها الدم عن وجهه وحمل الماء في الترس)) أي: هذا باب في بيان ما جاء من دواء الجرح إلى آخره. قوله: (وحمل الماء)، معطوف على قوله: (دواء الجرح) أي وفي بيان ما جاء من حمل الرجل الماء في الترس لأجل غسل الدم، وهذه الترجمة مأخوذة من معنى حديث الباب، لأن المراد من المرأة هي فاطمة بنت رسول الله، صلى الله عليه وسلم لأنها هي التي داوت جرح النبي صلى الله عليه وسلم، بالحصير المحرق بالنار بعد غسلها الدم عن وجه النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك لإزدياد الدم بالغسل بالماء وعدم انقطاعه. وأما حمل الماء فكان من علي بن أبي طالب، رضي الله تعالى عنه، على ما يجيء بيانه إن شاء الله تعالى.
7303 حدثنا علي بن عبد الله قال حدثنا سفيان قال حدثنا أبو حازم قال سألوا سهل بن سعد الساعدي رضي الله تعالى عنه بأي شيء دووي جرح النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما بقي من الناس أحد أعلم به مني كان علي يجيء بالماء في ترسه وكانت يعني فاطمة تغسل الدم عن وجهه وأخذ حصير فأحرق ثم حشي به جرح رسول الله صلى الله عليه وسلم.
.
مطابقته للترجمة ظاهرة، وعلي بن عبد الله هو ابن المديني، وسفيان هو: ابن عيينة، وأبو حازم سلمة بن دينار الأعرج. والحديث بعينه مضى في كتاب الطهارة في: غسل المرأة أباها الدم عن وجهه، غير أنه هناك أخرجه عن محمد عن سفيان... إلى آخره، ومضى الكلام فيه هناك. قوله: (جرح النبي صلى الله عليه وسلم) أي: الذي وقع يوم أحد من شج رأسه المبارك. قوله: (ما بقي)، لأنه آخر من مات من الصحابة بالمدينة.
461 ((باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب وعقوبة من عصي إمامه)) أي: هذ باب في بيان ما يكره إلى آخره. قوله: (في الحرب)، أي: من المقاتلة في أحوال الحرب. قوله: (وعقوبة)، أي: وفي بيان عقوبة من عصى إمامه، يعني: بالهزيمة وحرمان الغنيمة، وفي (التوضيح): التنازع هو الاختلاف. قلت: ليس كذلك، لأنه يلزم عطف الشيء على نفسه في الترجمة، ولا يقال: إنه عطف بيان لأن التنازع معلوم فلا يحتاج إلى البيان، والتنازع هو التخاصم والتجادل، والاختلاف أن يذهب كل واحد منهم إلى رأي، والاختلاف سبب الهلاك في الدنيا والآخرة، لأن الله عز وجل قد عبر في كتابه بالخلاف الذي قضى به على عباده عن الهلاك في قوله: * (ولو شاء الله ما اختلفوا) * (الأنفال: 64). ثم قال: ولذلك خلقهم، يعني: ليكونوا فريقين: فريق في الجنة وفريق في السعير، من أجل اختلافهم.
وقال الله تعالى * (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) * (الأنفال: 64).
أول الآية: * (وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا) * (الأنفال: 64). وقبلها، خاطب المؤمنين بقوله: * (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا
(٢٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 ... » »»