عمدة القاري - العيني - ج ١٤ - الصفحة ٢٢٤
مطابقته للترجمة يمكن أن تكون لقوله: (وقال بعضهم: على الموت لأنه من الترجمة، والمفهوم من كلام عبد الله بن زيد أنه بايع على الموت، ووهيب بالتصغير هو ابن خالد، وعمرو بن يحيى بن عمارة المازني الأنصاري المدني، وعباد بتشديد الباء الموحدة ابن تميم بن زيد بن عاصم الأنصاري، يروي عن عبد الله بن زيد بن عاصم بن كعب الأنصاري المازني المدني.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في المغازي عن إساعيل عن أخيه أبي بكر. وأخرجه مسلم في المغازي عن إسحاق ابن إبراهيم.
قوله: (ولما كان زمن الحرة)، وهي الواقعة التي كانت بالمدينة في زمن يزيد بن معاوية سنة ثلاث وستين، ووقعة الحرة حرة زهرة، قاله السهيلي. وقال الواقدي وأبو عبيد وآخرون: هي حرة وأقم، أطم شرقي المدينة، و: الحرة، بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء وهي في الأصل كل أرض كانت ذات حجارة سود محرقة والحرار في بلاد العرب كثيرة وأشهرها ثلاثة وعشرون حرة، قاله ياقوت. وسبب وقعة الحرة أن عبد الله بن حنظلة وغيره من أهل المدينة وفدوا إلى يزيد فرأوا منه ما لا يصلح، فرجعوا إلى المدينة فخلعوه وبايعوا عبد الله بن الزبير، رضي الله تعالى عنهما، وأرسل إليهم يزيد مسلم بن عقبة الذي قيل فيه: مسرف بن عقبة، فأوقع بأهل المدينة وقعة عظيمة، قتل من وجوه الناس ألفا وسبعمائة، ومن أخلاط الناس عشرة آلاف سوى النساء والصبيان. قوله: (إن ابن حنظلة) وهو عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر الذي يعرف أبوه بغسيل الملائكة، وذلك أن حنظلة قتل شهيدا يوم أحد، قتله أبو سفيان بن حرب، وقال: حنظلة بحنظلة، يعني بأبيه حنظلة المقتول ببدر، وأخبر رسول الله، صلى الله عليه وسلم بأن الملائكة غسلته، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قال لامرأة حنظلة: ما كان شأنه؟ قالت: كان جنبا وغسلت إحدى شقي رأسه، فلما سمع لهيعة خرج. فقتل. فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: رأيت الملائكة تغسله، وعلقت امرأته تلك الليلة بابنة عبد الله بن حنظلة، ومات النبي صلى الله عليه وسلم وله سبع سنين، وقد حفظ عنه. وقال الكرماني: ابن حنظلة هو الذي كان يأخذ ليزيد واسمه عبد الله، أو المراد به نفس يزيد، لأن جده أبا سفيان كان يكنى أيضا بأبي حنظلة، لكن على هذا التقدير يكون لفظ الأب محذوفا بين الأب وحنظلة تخفيفا، كما أنه محذوف معنى، لأنه نسبة إلى الجد أو جعله منسوبا إلى العم استخفافا واستهجانا واستبشاعا لهذه الكلمة المرة. انتهى. قلت: الكرماني خبط ههنا خبط عشواء وتعسف في هذا الكلام من غير أصل، والصواب ما ذكرناه. قوله: (لا أبايع على هذا أحدا بعد رسول الله، صلى الله عليه وسلم) فيه إشارة إلى أنه بايع رسول الله، صلى الله عليه وسلم على الموت، ولكنه ليس بصريح، فلذلك ذكر البخاري عقيبه حديث سلمة بن الأكوع لتصريحه فيه بأنه بايعه على الموت.
0692 حدثنا المكي بن إبراهيم قال حدثنا يزيد بن أبي عبيد عن سلمة رضي الله تعالى عنه قال بايعت النبي صلى الله عليه وسلم ثم عدلت إلى ظل الشجرة فلما خف الناس قال يا ابن الأكوع ألا تبايع قال قلت قد بايعت يا رسول الله قال وأيضا فبايعته الثانية فقلت له يا أبا مسلم على أي شيء كنتم تبايعون يومئذ قال على الموت.
.
مطابقته للترجمة في قوله: وقال بعضهم: على الموت، المكي، بتشديد الياء آخر الحروف هو اسمه وليس بنسبة، ويزيد من الزيادة ابن أبي عبيد مولى سلمة بن الأكوع، والأكوع اسمه سنان بن عبد الله.
وهذا الحديث من ثلاثيات البخاري الحادي عشر. وأخرجه أيضا في المغازي عن قتيبة وفي الأحكام عن القعنبي. وأخرجه مسلم في المغازي عن قتيبة به وعن إسحاق ابن إبراهيم. وأخرجه الترمذي والنسائي في السير جميعا عن قتيبة.
قوله: (قال يا ابن الأكوع) أي: قال النبي صلى الله عليه وسلم يا ابن الأكوع! ألا تبايع؟ إنما قال ذلك مع أنه بايع مع الناس، لأنه أراد به تأكيد بيعته لشجاعته وشهرته بالثبات، فلذلك أمره بتكرير المبايعة. وقال أيضا: أي بايع أيضا، فبايعه مرة أخرى، وهو معنى قوله: فبايعته الثانية، أي: المرة الثانية. قوله: (فقلت له: يا با مسلم)، القائل هو يزيد بن أبي عبد الراوي عنه، وأبو مسلم كنية سلمة بن الأكوع. قوله: (على الموت)، قد ذكرنا أن المراد بالمبايعة على الموت أن لا يفروا ولو ماتوا، وليس المراد أن يقع الموت البتة، والدليل عليه ما رواه الترمذي عن جابر بن
(٢٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 ... » »»