عمدة القاري - العيني - ج ١٤ - الصفحة ١٦٩
لا يلتذ بمسه، بل تقشعر منه الجلود وتهابه الأنفس ولمسه عذاب للامس والملموس، وأما غيرهن فيعالجن بغير مباشرة منهن لهم، فيضعن الدواء ويضعه غيرهن على الجرح، وقد يمكن أن يضعنه من غير مس شيء من جسده. ويدل على ذلك اتفاقهم أن المرأة إذا ماتت ولم توجد امرأة تغسلها، أن الرجل لا يباشر غسلها بالمس. بل يغسلها وراء حائل، في قول الحسن البصري والنخعي والزهري وقتادة وإسحاق، وعند سعيد بن المسيب ومالك والكوفيين وأحمد: تيمم بالصعيد، وهو أصح الأوجه عند الشافعية، وقال الأوزاعي: تدفن كما هي ولا تيمم، وقيل: الفرق بين حال المداواة وتغسيل الميت، أن الغسل عبادة والدواء ضرورة، والضرورات تبيح المحظورات، والله أعلم.
86 ((باب رد النساء الجرحى والقتلى)) أي: هذا باب في بيان ما جاء من رد النساء الجرحى والقتلى، كذا في رواية الأكثرين، وفي رواية الكشميهني: إلى المدينة، بعد قوله: القتلى، وقال ابن التين: كانوا يوم أحد يجمعون الرجلين والثلاثة من الشهداء على دابة وتردهن النساء إلى موضع قبورهم.
3882 حدثنا مسدد قال حدثنا بشر بن المفضل عن خالد بن ذكوان عن الربيع بنت معوذ قالت كنا نغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم فنسقي القوم ونخدمهم ونرد الجرحى والقتلى إلى المدينة.
.
مطابقته للترجمة ظاهرة، هذا طريق آخر من حديث الربيع، وهو طريق أوفى بالمقصود، وفي رواية الإسماعيلي من طريق آخر عن خالد بن ذكوان زيادة وهي قوله: ولا نقاتل.
96 ((باب نزع السهم من البدن)) أي: هذا باب في بيان مشروعية نزع السهم من بدن المصاب، قيل: إنما ترجم بهذا لئلا يتخيل أن الشهيد لا ينزع عنه السهم بل يبقى فيه كما أمر بدفنه بدمائه حتى يبعث كذلك، فبين بهذه الترجمة أن هذا مشروع. انتهى. وفيه نظر، لأن حديث الباب يتعلق بمن أصابه ذلك وهو في الحياة بعد، وأحسن من ذلك ما قاله المهلب: إن فيه جواز نزع السهم من البدن، وإن كان في غبه الموت، وليس ذلك من الإلقاء إلى التهلكة إذا كان يرجو الانتفاع بذلك، قال: ومثله البط والكي. وغير ذلك من الأمور التي يتداوى بها.
4882 حدثنا محمد بن العلاء قال حدثنا أبو أسامة عن بريد بن عبد الله عن أبي بردة عن أبي موسى رضي الله تعالى عنه قال رمي أبو عامر في ركبته فانتهيت إليه قال انزع هذا السهم فنزعته فنزا منه الماء فدخلت على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال أللهم اغفر لعبيد أبي عامر.
مطابقته للترجمة ظاهرة، وأبو أسامة بن حماد بن أسامة، وبريد، بضم الباء الموحدة ابن عبد الله بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، وبريد هذا يروي عن جده أبي بردة، بضم الباء الموحدة وسكون الراء، وهو يروي عن أبيه أبي موسى الأشعري واسمه عبد الله بن قيس.
والحديث أخرجه البخاري مقطعا في الجهاد وفي المغازي وفي الدعوات عن أبي كريب محمد بن العلاء. وأخرجه مسلم في الفضائل عن عبد الله بن براد وأبي كريب. وأخرجه النسائي في السير عن موسى بن عبد الرحمن المسروقي..
قوله: (رمى أبو عامر)، واسمه عبيد، بضم العين: ابن وهب، وقيل: ابن سليم، بضم السين المهملة الأشعري، عم أبي موسى الأشعري، كان من كبار الصحابة، قتل يوم أوطاس، فلما أخبر رسول الله، صلى الله عليه وسلم رفع يديه يدعو له، قوله: (فنزا)، بالزاي، أي: ظهر وارتفع وجرى ولم ينقطع، وقال ابن التين: النز و: الوثبان، معناه: خرج الماء. وقال صاحب (العين): نزا ينزو نزوا ونزوانا، وتنزى: إذا وثب، قوله: (اللهم اغفر لعبيد)، إنما دعا له صلى الله عليه وسلم لأنه علم أنه ميت من ذلك.
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»