عمدة القاري - العيني - ج ١٤ - الصفحة ١٥٣
قبيلة كبيرة منهم، والحديث مضى بهذا الإسناد مختصرا في المظالم، ومضت مباحثه مستوفاة في الشروط.
قوله: (أو عمرة)، كذا في رواية الكشميهنيي وفي رواية غيره: أم عمرة. قوله: (فلما أن أقبلنا)، كلمة: أن، زائدة، قوله: (فليعجل)، وفي رواية الكشميهني: (فليتعجل)، فالأول من باب التفعيل، والثاني من باب التفعل. قوله: (أرمك) براء وكاف، على وزن: أحمر. قال الأصمعي: الأرمك لون يخالط حمرته سواده، ويقال: بعير أرمك وناقة رمكاء، وعن ابن دريد: الرمك كل شيء خالطت غيرته سوادا كدرا. وقيل: الرمكة الرماد. وقال ابن قرقول: ويقال: أربك، بالباء الموحدة أيضا، والميم أشهر. قوله: (ليس فيه شية)، بكسر الشين المعجمة وفتح الياء آخر الحروف الخفيفة أي: ليس فيه لمعة من غير لونه، وعن قتادة في قوله: (لا شية)، أي: لا عيب، ويقال: الشية: كل لون يخالف معظم لون الحيوان. قوله: (والناس خلفي)، جملة حالية من قوله: (وأنا على جمل لي)، أراد أن جمله كان يسبق جمال الناس. قوله: (فبينا أنا كذلك)، أي: في حالة كان الناس خلفي. قوله: (إذا قام علي)، جواب بينا أنا كذلك، أي: إذ وقف الجمل، يقال: قامت الدابة إذا وقفت من الكلال. قوله: (البلاط)، بفتح الباء الموحدة، وهي الحجارة المفروشة، وقيل: هو موضع.
وقال ابن المنذر: اختلفوا في المكتري يضرب الدابة فتموت، فقال مالك: إذا ضربها ضربا لا يضرب مثله، أو حيث لا يضرب ضمن، وبه قال أحمد وإسحاق وأبو ثور، ويقال: إذا ضربها ضربا يضربها صاحبها مثله ولم يتعد فليس عليه شيء، واستحسن هذا القول أبو يوسف ومحمد. وقال الثوري وأبو حنيفة: ضامن إلا أن يكون أمره بضربها.
05 ((باب الركوب على الدابة الصعبة والفحولة من الخيل)) أي: هذا باب في بيان مشروعية الركوب على الدابة الصعبة إذا كان من أهل ذلك، والصعبة، بسكون العين: الشديدة والفحولة، بفتح الفاء والحاء المهملة: جمع فحل، وقال الكرماني: ولعل التاء فيه لتأكيد الجمع كما في: الملائكة.
وقال راشد بن سعد كان السلف يستحبون الفحولة لأنها أجرأ وأجسر راشد بن سعد المقرئي، بضم الميم وفتحها وسكون القاف وفتح الراء بعدها همزة، نسبة إلى: مقرأ، قرية من قرى دمشق، وهو تابعي وروي عن ثوبان مولى سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم وأبي أمامة ومعاوية وغيرهم، مات سنة ثلاثة عشر ومائة، والصحيح أنه مات سنة ثمان ومائة، وليس له في البخاري سوى هذا الأثر الواحد. قوله: (السلف)، أي: من الصحابة ومن بعدهم. قوله: (لأنها أجرأ)، أفعل من الجراءة، ويكون أيضا من الجري لكن الأول بالهمز والثاني بدونه. قوله: (وأجسر) أفعل من الجسارة، بالجيم والسين المهملة، والمفضل عليه محذوف لدلالة القرينة عليه، تقديره: أجرأ وأجسر من الإناث، أو من المخصية.
وقال ابن بطال: فيه: أن ركوب الفحولة أفضل للركوب من الإناث لشدتها وجرأتها، ومعلوم أن المدينة لم تخل من إناث الخيل ولم ينقل عن سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم ولا جملة أصحابه أنهم ركبوا غير الفحول، ولم يكن ذلك إلا لفضلها إلا ما ذكر عن سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه، أنه كان له فرس أنثى بلقاء، وذكر سيف في (الفتوح): أنها التي ركبها أبو محجن حين كان عند سعد مقيدا بالعراق، وذكر الدارقطني في (سننه) عن المقداد، قال: غزوت مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر على فرس لي أنثى، وروى الوليد بن مسلم في الجهاد له من طريق عبادة بن نسي، بضم النون وفتح السين المهملة، أو ابن محيريز: أنهم كانوا يستحبون إناث الخيل في الغارات والبيات، ولما خفي من أمور الحرب، ويستحبون الفحولة في الصفوف والحصون، ولما ظهر من أمور الحرب، وروي عن خالد بن الوليد، رضي الله تعالى عنه، أنه كان لا يقاتل إلا على أنثى، لأنها تدفع البول، وهي أقل صهيلا، والفحل يحبسه في جريه حتى ينفتق ويؤذي بصهيله، وروى أبو عبد الرحمن عن معاذ بن العلاء عن يحيى بن أبي كثير يرفعه: عليكم بإناث الخيل، فإن ظهورها عز وبطونها كنز، وفي لفظ: ظهورها حرز.
2682 حدثنا أحمد بن محمد قال أخبرنا عبد الله قال أخبرنا شعبة عن قتادة قال سمعت
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»