عمدة القاري - العيني - ج ١٣ - الصفحة ٨٠
الليثي وطائفة عنه عن هشام عن أبيه عن عائشة، ورواه سعيد بن داود عنه عن هشام كرواية الجماعة، وقال الدارقطني: الرواية المرسلة عن مالك أصح، والمحفوظ عن هشام كما قال الجماعة.
ذكر من أخرجه غيره: أخرجه مسلم في الإيمان عن أبي الربيع الزهراني وخلف بن هشام وعن محمد بن رافع وعبد بن حميد. وأخرجه النسائي في العتق عن عبيد الله بن سعيد بقصة الجهاد وقصة الرقاب وعن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم بهما وفي الجهاد عن محمد بن عبد الله بالقصة الأولى. وأخرجه ابن ماجة في الأحكام عن أحمد ابن سيار بقصة الرقاب.
ذكر معناه: قوله: (وجهاد في سبيله)، إنما قرن الجهاد بالإيمان لأنه كان عليهم أن يجاهدوا في سبيل الله حتى تكون كلمة الله هي العليا وكان الجهاد في ذلك الوقت أفضل الأعمال. قوله: (أغلاها ثمنا) في رواية الأكثرين: أعلاها، بالعين المهملة، وهي رواية النسائي أيضا، وفي رواية الكشميهني: بالغين المعجمة، وكذا في رواية النسفي، وفي (المطالع): معناهما متقارب، ووقع في رواية مسلم من رواية حماد بن زيد: أكثرها ثمنا. وقال النووي: محله، والله أعلم، فيمن أراد أن يعتق رقبة واحدة، أما لو كان مع شخص ألف درهم مثلا فأراد أن يشتري بها رقبة يعتقها فوجد رقبة نفيسة ورقبتين مفضولتين، فالرقبتان أفضل. قال: وهذا بخلاف الأضحية، فإن الواحدة السمينة فيها أفضل لأن المطلوب هنالك الرقبة وهنالك طيب اللحم، وقال أبو عبد الملك: إذا كانا في ذوي الدين أفضلهما أغلاهما ثمنا. وقد اختلف فيما إذا كان النصراني أو اليهودي أو غيرهما أكثر ثمنا من المسلم، قال مالك: عتق الأغلى أفضل وإن كان غير مسلم. وقال أصبغ: عتق المسلم أفضل. قوله: (وأنفسها)، أي: أكثرها رغبة عند أهلها لمحبتهم فيها، لأن عتق مثل ذلك لا يقع غالبا إلا خالصا، وإليه الإشارة بقوله تعالى: * (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) * (آل عمران: 29). وكان لابن عمر، رضي الله تعالى عنهما، جارية يحبها فأعتقها لهذه الآية. قوله: (قلت: فإن لم أفعل؟) ويروى: قال: فإن لم أفعل؟ أي: إن لم أقدر على ذلك؟ فأطلق الفعل وأراد القدرة عليه. وفي رواية الإسماعيلي: أرأيت إن لم أفعل؟ وفي رواية الدارقطني في (الغرائب): فإن لم أستطع؟ قوله: (تعين ضايعا) بالضاد المعجمة وبالياء آخر الحروف بعد الألف، كذا وقع لجميع رواة البخاري، وجزم به القاضي عياض وغيره، وكذا هو في رواية مسلم إلا في رواية السمرقندي، وجزم الدارقطني وغيره بأن هشاما رواه هكذا دون من رواه عن أبيه، فعلم من ذلك أن الذي رواه: صانعا، بالصاد المهملة وبالنون بعد الألف غير صحيح، لأن هذه الرواية لم تقع في شيء من طرقه. وروى الدارقطني من طريق معمر عن هشام هذا الحديث بالضاد المعجمة، قال معمر: وكان الزهري يقول: صحف هشام، وإنما هو بالصاد المهملة والنون. قلت: كأن ابن المنير اعتمد على أنه بالصاد المهملة والنون حيث قال: وفيه إشارة إلى أن إعانة الصانع أفضل من إعانة غير الصانع، لأن غير الصانع مظنة الإعانة، فكل أحد يعينه غالبا بخلاف الصانع، فإنه لشهرته بصنعته يغفل عن إعانته فهو من جنس الصدقة على المستور. انتهى. قلت: هذا لا بأس به إذا صحت الرواية بالصاد والنون، وفي (التوضيح): وصوابه بالمهملة والنون، وقال النووي: الأكثر في الرواية المعجمة. وقال عياض: روايتنا في هذا من طريق هشام بالمعجمة، وعن أبي بحر بالمهملة، وهو صواب الكلام لمقابلته بالأخرق، وإن كان المعنى من جهة معونة الضائع أيضا صحيحا، لكن صحت الرواية عن هشام بالمهملة، وقال ابن المديني: الزهري، يقول بالمهملة، ويرون أن هشاما صحفه بالمعجمة، والصواب قول الزهري. وقال الكرماني: وضايعا، بالمعجمة. بالمعجمة ثم بالمهملة وفي بعضها بالمهملتين وبالنون ثو قال الدارقطني عن معمر كان الزهري يقول صحف هشام حيث روى ضايعا بالمعجمة انتهى قلت انتهى. قلت: لم يحرر الكرماني هذا الموضع، والتحرير ما ذكرناه، ومعنى الضايع، بالمعجمة: الفقير لأنه ذو ضياع من فقر وعيال. قوله: (أو تصنع لأخرق)، الأخرق، بفتح الهمزة وسكون الخاء المعجمة وبالراء والقاف: هو الذي ليس في يده صنعة ولا يحسن الصناعة، قال ابن سيده: خرق بالشيء جهله ولم يحسن عمله، وهو أخرق وفي (المثلث) لابن عديس: والخرق جمع الأخرق من الرجال والخرقاء من النساء، وهما ضد الصناع والصنع. قوله: (تدع الناس)، أي: تتركهم من الشر، و: تدع، من الأفعال التي أمات العرب ماضيها، كذا قالته النحاة، ويرد عليهم قراءة من قرأ * (ما ودعك
(٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 ... » »»