عمدة القاري - العيني - ج ١٣ - الصفحة ٦٥
أعتق كله إن كان له مال وإلا يستسع غير مشقوق عليه.
مطابقته للترجمة مقل ما ذكرنا في الحديث الذي قبله، وقد مضى هذا الحديث أيضا في: باب تقويم الأشياء، عن قريب فإنه أخرجه هناك: عن بشر بن محمد عن عبد الله عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة... إلى آخره وأخرج البخاري حديث أبي هريرة أيضا من طرق كثيرة ووجوه مختلفة، وقد مر الكلام فيه هناك وما يتعلق بالحديثين المذكورين. قوله: (يستسع)، وفي رواية: يستسعى، بإشباع العين بالألف، وفي أخرى استسعى على صيغة المجهول من الماضي، والله أعلم.
51 ((باب الإشتراك في الهدي والبدن)) أي: هذا باب في بيان حكم الاشتراك في الهدي، بسكون الدال وهو ما يهدى إلى الحرم من النعم. قوله: (والبدن)، من باب عطف الخاص على العام، وهو بضم الباء وسكون الدال: جمع بدنة.
وإذا أشرك الرجل الرجل في هديه بعد ما أهدى جواب إذا مقدر تقديره: هل يجوز ذلك؟ وجواب الاستفهام يعلم من قوله صلى الله عليه وسلم في حديث الباب، وهو قوله: وأشركه في الهدي، وفي بعض النسخ: وإذا أشرك الرجل رجلا، وهذا أوجه.
حدثنا أبو النعمان قال حدثنا حماد بن زيد قال أخبرنا عبد الملك بن جريج عن عطاء عن جابر وعن طاووس عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهم قال قدم النبي صلى الله عليه وسلم صبح رابعة من ذي الحجة مهلين بالحج لا يخلطهم شيء فلما قدمنا أمرنا فجعلناها عمرة وأن نحل إلى نسائنا ففشت في ذالك القالة قال عطاء فقال جابر فيروح أحدنا إلى منى وذكره يقطر منيا فقال جابر يكفه فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقام خطيبا فقال بلغني أن أقواما يقولون كذا وكذا والله لأنا أبر وأتقاى لله منهم ولو أني استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت ولولا أن معي الهدي لأحللت فقام سراقة بن مالك بن جعشم فقال يا رسول الله هي لنا أو للأبد فقال لا بل للأبد قال وجاء علي بن أبي طالب فقال أحدهما يقول لبيك بما أهل به رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال الآخر لبيك بحجة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقيم على إحرامه وأشركه في الهدي.
مطابقته للترجمة في قوله: (وأشركه في الهدي)، ورجاله كلهم قد ذكروا غير مرة، وأبو النعمان محمد بن الفضل السدوسي، وحديث جابر مضى في كتاب الحج في: باب تقضي الحائض المناسك، وبينهما اختلاف في الرواة وزيادة ونقصان في المتن، ومضى أكثر الكلام في هذا هناك.
قوله: (وعن طاووس) عطف على قوله: عطاء، لأن ابن جريرج سمع منهما. قوله: (قدم النبي صلى الله عليه وسلم) أي: مكة. قوله: (صبح رابعة) أي: في صبيحة ليلة رابعة، قال الداودي: اختلف فيه، وكان خروجه من المدينة لخمس بقين من ذي القعدة. قوله: (مهلين) أي: محرمين، وانتصابه على الحال، وإنما جمع باعتبار أن قدوم النبي، صلى الله عليه وسلم، مستلزم لقدوم أصحابه معه، ويروى: محرمون، على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: هم محرمون. قوله: (لا يخلطهم شيء) أي: من العمرة، ويروى: لا يخلطه، ففي الأول الضمير يرجع إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه الذين معه، وفي الثاني: يرجع إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، وحده، وقال صاحب (التوضيح): وفيه: دلالة واضحة على الإفراد. قلت: لا يدل على ذلك، لأن معنى: لا يخلطه شيء، يعني وقت الإحرام، وكذلك معنى قول عائشة، رضي الله تعالى عنها، وأهل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بالحج مفردا أنه لم يعتمر في وقت إحرامه بالحج، لكنه اعتمر بعد ذلك. قوله: (فلما قدمنا)
(٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 60 61 62 63 64 65 66 66 67 68 69 ... » »»