عمدة القاري - العيني - ج ١٣ - الصفحة ٤٦
وعن قبيصة ببعض القصة الثالثة. وأخرجه مسلم في الأضاحي عن إسحاق بن إبراهيم وعن القاسم بن زكرياء وعن محمد بن المثنى وعن محمد بن الوليد وعن ابن أبي عمر. وأخرجه أبو داود في الذبائح عن مسدد به. وأخرجه الترمذي في الصيد عن هناد عن بندار بالقصة الثالثة وعن محمود بن غيلان بالقصة الأولى والثانية، وأعاده في السير عن هناد. وأخرجه النسائي في الحج عن محمود بن غيلان بهما وعن هناد بهما، وفي الصيد عن أحمد بن سليمان وفي الذبائح عن هناد بالقصة الثالثة وعن محمد بن منصور بالقصة الثالثة وعن عمرو بن علي بالقصة الثانية والثالثة وعن إسماعيل بن مسعود بهما، وفي الأضاحي عن أحمد بن عبد الله بن الحكم ببعض القصة الثانية. وأخرجه ابن ماجة في الأضاحي عن أبي كريب بالقصة الأولى وفي الذبائح عن محمد بن عبد الله بن نمير مقطعا في موضعين.
ذكر معناه: قوله: (بذي الحليفة)، قال صاحب (التلويح)، رحمه الله: وذو الحليفة هذه ليست الميقات إنما هي التي من تهامة عند ذات عرق، ذكره ياقوت وغيره. قلت: في رواية مسلم هكذا عن رافع بن خديج، قال: كنا مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بذي الحليفة من تهامة. وذكر القابسي أنها المهل التي بقرب المدينة، وقاله أيضا النووي، وفيه نظر من حيث أن في الحديث ردا لقولهما، وقال ابن التين: وكانت سنة ثمان من الهجرة في قضية حنين. قوله: (في أخريات القوم)، أي: في أواخرهم وأعقابهم، وهي جمع أخرى، وكان يفعل ذلك رفقا لمن معه ولحمل المنقطع. قوله: (فعجلوا)، بكسر الجيم. قوله: (فأكفئت)، أي: قلبت وأميلت وأريق ما فيها، وهو من الإكفاء، قال ثعلب: كفأت القدر إذا كببته، وكذلك قاله الكسائي وأبو علي القالي وابن القوطية في آخرين، فعلى هذا إنما يقال: فكفئت وأكفئت إنما قال على قول ابن السكيت في (الإصلاح): لأنه نقل عن ابن الأعرابي وأبي عبيد وآخرين، يقال: أكفئت وقال ابن التين: صوابه كفئت بغير ألف من كفأت الإناء مهموزا، واختلف في إمالة الإناء، فيقال فيها: كفأت وأكفأت، وكذلك اختلف في أكفأت الشيء لوجهه.
وقد اختلف في سبب أمره بإكفاء القدور، فقيل: إنهم انتهبوها مالكين لها من غير غنيمة، ولا على وجه الحاجة إلى أكلها، يشهد له قوله في رواية: فانتهبناها. قلت: ولا على وجه الحاجة إلى أكلها، فيه نظر، لأنه ذكر في باب النهبة: فأصابتنا مجاعة، فهو بيان لوجه الحاجة. وقيل: إنما كان لتركهم الشارع في أخريات القوم واستعجالهم ولم يخافوا من مكيدة الغدر فحرمهم الشارع ما استعجلوه عقوبة لهم بنقيضي قصدهم، كما منع القاتل من الميراث. قاله القرطبي: ويؤيده رواية أبي داود: وتقدم سرعان الناس فتعجلوا فأصابوا الغنائم ورسول الله، صلى الله عليه وسلم، في آخر الناس. وقال النووي: إنما أمرهم بذلك لأنهم كانوا قد انتهوا إلى دار الإسلام، والمحل الذي لا يجوز الأكل فيه من مال الغنيمة المشتركة، فإن الأكل منها قبل القسم إنما يباح في دار الحرب، والمأمور به من الإراقة إنما هو إتلاف المرق عقوبة لهم، وأما اللحم فلم يتلفوه، بل يحمل على أنه جمع ورد إلى المغنم، ولا يظن أنه أمر بإتلافه لأنه مال الغانمين، ولأنه، صلى الله عليه وسلم، نهى عن إضاعة المال. فإن قلت: لم ينقل أنهم حملوه إلى الغنيمة؟ قلت: ولا نقل أيضا أنهم أحرقوه ولا أتلفوه، فوجب تأويله على وفق القواعد الشرعية، بخلاف لحم الحمر الأهلية يوم خيبر لأنها صارت نجسة.
قوله: (فعدل) هذا محمول على أنه كان يحسب قيمتها يومئذ، ولا يخالف قاعدة الأضحية من إقامة بعير مقام سبع شياه، لأن هذا هو الغالب في قيمة الشاة والإبل المعتدلة. قوله: (فند)، بفتح النون وتشديد الدال المهملة، أي: نفر، وذهب على وجهه شاردا، يقال: ند يند ندا وندودا. قوله: (فأعياهم)، أي: أعجزهم، يقال: أعيى إذا أعجز، وعيى بأمره إذا لم يهتد لوجهه، وأعياني هو، قوله: (يسيرة)، أي: قليلة. قوله: (فأهوى)، أي: قصد، قال الأصمعي: أهويت بالشيء إذا أومأت إليه. قوله: (أوابد)، جمع آبدة، بالمد وكسر الباء الموحدة المخففة، يقال منه: أبدت تأبد، بضم الباء وتأبد بكسرها، وهي التي نفرت من الإنس وتوحشت. وقال القزاز: مأخوذة من الأبد، وهي الدهر لطول مقامها. وقال أبو عبيد: أخذت من تأبدت الدار تأبدا، وأبدت تأبد أبودا: إذا خلا منها أهلها. قوله: (منها)، أي: من الأوابد. قوله: (فاصنعوا به هكذا) أي: إرموه بالسهم. قوله: (قال جدي إنا نرجو أو نخاف)، قال الكرماني: نرجو بمعنى نخاف، ولفظ: أو نخاف، شك من الراوي. وقال ابن التين: هما سواء. قال تعالى: * (فمن كان يرجو لقاء ربه) * (الكهف: 11).
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»