عمدة القاري - العيني - ج ١٣ - الصفحة ٣٦
إن قدر أن يمتنع من اللصوص فلا يعطهم شيئا. وقال أحمد: إذا كان اللص مقبلا، وأما موليا فلا. وعن إسحاق مثله. وقال أبو حنيفة في رجل دخل على رجل ليلا للسرقة ثم خرج بالسرقة من الدار، فاتبعه الرجل فقتله: لا شيء عليه. وقال الشافعي: من أريد ماله في مصر أو في صحراء، أو أريد حريمه، فالاختيار له أن يكلمه أو يستغيث، فإن منع أو امتنع لم يكن له قتاله، فإن أبى أن يمتنع من قتله من أراد قتله، فله أن يدفعه عن نفسه وعن ماله، وليس له عمد قتله، فإذا لم يمتنع فقاتله فقتله لا عقل فيه ولا قود ولا كفارة.
43 ((باب إذا كسر قصعة أو شيئا لغيره)) أي: هذا باب يذكر فيه إذا كسر شخص قصعة، بفتح القاف وسكون الصاد: وهي إناء من عود، وقال ابن سيده: وهي صحفة تشبع عشرة، وهي واحدة القصاع والقصع. قوله: (أو شيئا) من باب عطف العام على الخاص، أي: أو كسر شيئا. وجواب: إذا، محذوف تقديره: هل يضمن المثل أو القيمة؟ هكذا قدره بعضهم، وفيه نظر، لأن القصعة ونحوها ليست من المثليات أصلا، ولكن يمشي ما قاله في قوله: (أو شيئا)، لأنه أعم من أن يكون من المثليات أو من ذوات القيم. قلت: في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم دفع قصعة صحيحة عوض القصعة التي كسرتها عائشة على ما يجيء؟ قلت: لم يكن ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم على سبيل الحكم على الخصم، وكان دفعه القصعة عوض المكسورة تطييبا لقلب صاحبتها، فلا يدل ذلك على أن القصعة ونحوها من المثليات.
1842 حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى بن سعيد عن حميد عن أنس رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عند بعض نسائه فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين مع خادم بقصعة فيها طعام فضربت بيدها فكسرت القصعة فضمها وجعل فيها الطعام وقال كلوا وحبس الرسول والقصعة حتى فرغوا فدفع القصعة الصحيحة وحبس المكسورة.
(الحديث 1842 طرفه في: 5225).
مطابقته للترجمة في قوله: (فكسرت القصعة)، ويحيى بن سعيد القطان. قوله: (كان عند بعض نسائه)، وروى الترمذي من رواية سفيان الثوري عن حميد عن أنس، قال: أهدت بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إلى النبي صلى الله عليه وسلم طعاما في قصعة، فضربت عائشة القصعة بيدها فألقت ما فيها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: طعام بطعام وإناء بإناء، ثم قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وأخرجه أحمد عن ابن أبي عدي ويزيد بن هارون عن حميد به، وقال: أظنها عائشة، وقال الطيبي: إنما أبهمت عائشة تفخيما لشأنها. قيل: إنه مما لا يخفى ولا يلتبس إنها هي، لأن الهدايا إنما كانت تهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها، ورد بأن هذا مجرد دعوى يحتاج إلى البيان. وقال شيخنا: لم يقع في رواية أحد من البخاري والترمذي وابن ماجة تسمية زوج النبي، صلى الله عليه وسلم، التي أهدت له الطعام، وقد ذكر ابن حزم من طريق الليث عن جرير بن حازم عن حميد عن أنس: أن التي أهدته إليه زينب بنت جحش، أهدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيت عائشة ويومها جفنة من حيس، فقامت عائشة فأخذت القصعة فضربت بها فكسرتها، فقام رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى قصعة لها فدفعها إلى رسول زينب، فقال: هذه مكان صحفتها. وروى أبو داود والنسائي من رواية جسرة بنت دجاجة عن عائشة، قالت: ما رأيت صانعا طعاما مثل صفية، صنعت لرسول الله طعاما فبعثت به، فأخذني أفكل، يعني: رعدة، فكسرت الإناء، فقلت: يا رسول الله! ما كفارة ما صنعت؟ قال: إناء مثل إناء وطعام مثل طعام. قال الخطابي: في إسناده مقال، وقال الشيخ: يحتمل أنهما واقعتان وقعت لعائشة مرة مع زينب ومرة مع صفية، فلا مانع من ذلك، فإن كان ذلك واقعة واحدة رجعنا إلى الترجيح، وحديث أنس أصح. وفي بعض طرقه زينب، والله أعلم. وذكر أبو محمد المنذري في الحواشي: أن مرسلة القصعة أم سلمة، رضي الله تعالى عنها، وروى النسائي من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي المتوكل عن أم سلمة، أنها أتت بطعام في صحفة إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه، فجاءت عائشة متزرة بكساء ومعها فهر، ففلقت الصحفة... الحديث، وفي (الأوسط) للطبراني من طريق عبيد الله العمري
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»