عمدة القاري - العيني - ج ١٣ - الصفحة ١٥٢
الشيء في الوعاء، ومنه قوله تعالى: * (وجمع فأوعى) * (المعارج: 81). أي: مادة الرزق متصلة باتصاف النفقة منقطعة بانقطاعها، فلا تمنعي فضلها فتحرمي مادتها، وقد مر الكلام مبسوطا في كتاب الزكاة.
1952 حدثنا عبيد الله بن سعيد قال حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا هشام بن عروة عن فاطمة عن أسماء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أنفقي ولا تحصي فيحصي الله عليك ولا توعي فيوعي الله عليك.
مطابقته للترجمة مثل مطابقة الحديث الماضي لها، وعبيد الله بن سعيد بن يحيى أبو قدامة اليشكري السرخسي، وفاطمة بنت المنذر بن الزبير بن العوام، وهي بنت عم هشام بن عروة وزوجته، وأسماء هي بنت أبي بكر، جدتهما جميعا لأبويهما. قوله: (أنفقي)، أمر من الإنفاق. قوله: (ولا تحصى) من الإحصاء، نهى عنه لأنه إنما يحصى لأجل التبقية، والذخر فيحصي الله عليها بقطع البركة ومنع الزيادة، وقد يكون مرجع الإحصاء إلى المحاسبة عليه والمناقشة في الآخرة، ونسبه الإحصاء إلى الله من باب المشاكلة. وقوله: (فيحصى)، بالنصب لأنه جواب النهي، وهنا أمر صلى الله عليه وسلم بالإنفاق، ولم يقل: بالمعروف، لعلمها بمراده لاحتمال أن يراد بالذي تحت يدها من مال الزبير، فإن كان كذلك تنفق بما كان يخفي الزبير إنفاقه من إغاثة ملهوف وإعطاء سائل.
2952 حدثنا يحيى بن بكير عن الليث عن يزيد عن بكير عن كريب مولى ابن عباس أن ميمونة بنت الحارث رضي الله تعالى عنها أنها أعتقت وليدة ولم تستأذن النبي صلى الله عليه وسلم فلما كان يومها الذي يدور عليها فيه قالت أشعرت يا رسول الله أني أعتقت وليدتي قال أو فعلت قالت نعم قال أما أنك لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك.
(الحديث 2952 طرفه في: 4952).
مطابقته للترجمة من حيث إن ميمونة كانت رشيدة، وأعتقت وليدتها من غير استئذان من النبي، صلى الله عليه وسلم، فلو لم يكن تصرف الرشيدة في مالها نافذا لأبطله النبي، صلى الله عليه وسلم.
ذكر رجاله وهم ستة: الأول: يحيى بن بكير هو يحيى بن عبد الله بن بكير أبو زكريا المخزومي. الثاني: الليث بن سعد. الثالث: يزيد من الزيادة ابن أبي حبيب. الرابع: بكير، بضم الباء الموحدة: ابن عبد الله الأشج. الخامس: كريب مولى ابن عباس أبو رشد، بكسر الراء. السادس: ميمونة بنت الحارث الهلالية، زوج النبي، صلى الله عليه وسلم.
ذكر لطائف إسناده فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضع. وفيه: الإخبار بصيغة الإفراد في موضع. وفيه: العنعنة في أربعة مواضع. وفيه: أن النصف الأول من الإسناد بصريون والنصف الثاني مدنيون. وفيه: أن شيخه منسوب إلى جده. وفيه: ثلاثة من التابعين على نسق واحد وهم: يزيد وبكير وكريب. وفيه: أن بكيرا وكريبا متحدان في الحروف الأربعة.
ذكر من أخرجه غيره: أخرجه مسلم في الزكاة عن هارون بن سعيد الأيلي. وأخرجه النسائي في العتق عن أحمد ابن يحيى بن الوزير.
ذكر معناه: قوله: (وليدة)، أي: أمة، وفي رواية النسائي من طريق عطاء بن يسار عن ميمونة: أنها كانت لها جارية سوداء. قوله: (أشعرت؟)، أي: أعلمت؟ قوله: (قال: أو فعلت؟)، أي: قال النبي، صلى الله عليه وسلم: أو فعلت العتق؟ قوله: (أما)، بفتح الهمزة وتخفيف الميم، وهو هنا بمعنى: حقا، أو أحقا، على خلاف فيه، وتفتح كلمة: أن بعدها وهي قوله: أنك، وأما: أما، التي تكون حرف الاستفتاح التي بمعنى ألا، فكلمة: أن، بعدها مكسورة كما تكسر بعد ألا، الاستفتاحية. قوله: (أخوالك)، أخوالها كانوا من بني هلال أيضا واسم أمها: هند بنت عوف بن زهير بن الحارث، ووقع في رواية الأصيلي: (إخواتك)، بالتاء. قال عياض: ولعله أصح من رواية أخوالك، بدليل رواية مالك في (الموطأ) (فلو أعطيتها أختيك).
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»