عمدة القاري - العيني - ج ١٣ - الصفحة ١٢٧
من التابعين على نسق واحد. الأول أبو حازم سلمة. والثاني يزيد بن رومان. والثالث عروة. وفيه رواية الراوي عن أبيه والحديث رواه مسلم في آخر الكتاب عن يحيى بن يحيى.
(ذكر معناه) قوله ' ابن أختي ' يعني يا ابن أختي وحرف النداء محذوف وفي رواية مسلم والله يا ابن أختي وأم عروة أسماء بنت أبي بكر الصديق وهي أخت عائشة بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنهم قوله ' إن كنا ' إن هذه مخففة من أن المثقلة فتدخل على الجملتين فإن دخلت على الاسمية جاز إعمالها خلافا للكوفيين وإن دخلت على الفعلية وجب إهمالها والأكثر أن يكون الفعل ماضيا ناسخا وههنا كذلك لأنها دخلت على الماضي الناسخ لأن كان من النواسخ واللام في لننظر عند سيبويه والأكثرين لام الابتداء دخلت لتوكيد النسبة وتخليص المضارع للحال وللفرق بين أن المخففة من المثقلة وأن النافية ولهذا صارت لازمة بعد أن كانت جائزة وزعم أبو علي وأبو الفتح وجماعة أنها لام غير لام الابتداء اجتلب للفرق قوله ' ثلاثة أهلة ' بالنصب تقديره نرى ثلاثة أهلة ونكملها في شهرين باعتبار رؤية الهلال في أول الشهر الأول ثم برؤيته في أول الشهر الثاني ثم برؤيته في أول الشهر الثالث فيصدق عليه ثلاثة أهلة ولكن المدة ستون يوما وفي الرقاق من طريق هشام بن عروة عن أبيه بلفظ كان يأتي علينا الشهر ما نوقد فيه نارا وفي رواية ابن ماجة من طريق أبي سلمة عن عائشة بلفظ لقد كان يأتي على آل محمد الشهر ما يرى في بيت من بيوته الدخان قوله ' وما أوقدت ' على صيغة المجهول من الإيقاد قوله ' يا خالة ' بضم التاء لأنه منادى مفرد قوله ' ما كان يعيشكم ' بضم الياء من أعاشه الله تعالى عيشة وقال النووي بفتح العين وكسر الياء المشددة قال وفي بعض النسخ المعتمدة يعني في نسخ مسلم فما كان يقيتكم من القوت صرح بذلك القونوي في مختصر شرح مسلم وقال بعضهم وفي بعض النسخ ما يغنيكم بسكون المعجمة بعدها نون مكسورة ثم تحتانية ساكنة انتهى (قلت) كأنه صحف عليه فجعله من الاغناء وليس هو الأمن القوت فعلى قوله تكون هذه رواية رابعة فتحتاج إلى البيان قوله ' الأسودان الماء والتمر ' وهو من باب التغليب إذ الماء ليس أسود وأطلقت عائشة على التمر أسود لأنه غالب تمر المدينة وقال ابن سيدة فسر أهل اللغة الأسودين بالماء والتمر وعندي أنها إنما أرادت الحرة والليل قيل لهما الأسودان لاسودادهما وذلك أن وجود التمر والماء عندهم شبع ورى وخصب وإنما أرادت عائشة أن تبالغ في شدة الحال بأن لا يكون معها إلا الليل والحرة وهذا أذهب في سوء الحال من وجود التمر والماء وقيل الأسودان الماء واللبن وضاف مرثد المدني رضي الله تعالى عنه قوم فقال لهم مالكم عندنا إلا الأسودان قالوا إن في ذلك لمقنعا الماء والتمر فقال ما ذلك أردت والله إنما أردت الحرة والليل (قلت) الحرة بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء البقل الذي يؤكل غير مطبوخ قوله ' منائح ' جمع منيحة بفتح الميم وكسر النون وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره حاء مهملة وهي ناقة أو شاة تعطيها غيرك ليحتلبها ثم يردها عليك وقد تكون المنيحة عطية للرقبة بمنافعها مؤبدة مثل الهبة وقال الفراء منحته منيحة وهي الناقة والشاة يعطيها الرجل لآخر يحلبها ثم يردها وزعم بعضهم أن المنيحة لا تكون إلا ناقة وقال أبو عبيد المنيحة عند العرب على وجهين أن يعطي الرجل صاحب صلة فيكون له وأن يمنحه ناقة أو شاة ينتفع بحلبها ووبرها وصوفها زمنا ثم يردها وقال إبراهيم الحربي العرب تقول منحتك الناقة وأنحلتك الوبر وأعريتك النخلة وأعمرتك الدار وهذه كلها هبة منافع يعود بعدها مثلها قوله ' يمنحون ' من المنح وهو العطاء يقال منحه يمنحه من باب فتحه يفتحه ومنحه يمنحه من باب ضربه يضربه والاسم المنحة بالكسر وهي العطية. وفي الحديث زهد النبي في الدنيا والصبر على التقلل وأخذ البلغة من العيش وإيثار الآخرة على الدنيا. وفيه حجة لمن آثر الفقر على الغنى. وفيه أن السنة مشاركة الواجد المعدم 2 ((باب القليل من الهبة)) أي: هذا باب في بيان القليل من الهبة، وأراد به أن المهدى إليه بشيء قليل لا يستقله ولا يرده لقلته.
(١٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 ... » »»