عمدة القاري - العيني - ج ١٢ - الصفحة ٢٤٧
والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحق وأبو ثور: يحجر على السفيه، روي ذلك عن علي وابن عباس وابن الزبير وعائشة، رضي الله تعالى عنهم، واحتج أبو حنيفة بحديث ابن عمر الذي يأتي الآن: إذا بايعت فقل: لا خلابة، فإنه صلى الله عليه وسلم وقف على أنه كان يغبن في البيوع فلم يمنعه من التصرف ولا حجر عليه، وحجة الآخرين الآية المذكورة. وهي قوله: * (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم..) * (النساء: 5). الآية. قوله: (وما ينهى عن الخداع)، عطف على ما قبله، وتقديره أي: باب في بيان كذا وكذا، وفي بيان ما ينهى عن الخداع، أي: في البيوع.
7042 حدثنا أبو نعيم قال حدثنا سفيان عن عبد الله بن دينار قال سمعت ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم إني أخدع في البيوع فقال إذا بايعت فقل لا خلابة فكان الرجل يقوله..
مطابقته للترجمة من حيث إن الرجل كان يغبن في البيوع، وهو من إضاعة المال والحديث قد مر في البيوع في: باب ما يكره من الخداع في البيع، فإنه أخرجه هناك: عن عبيد الله بن يوسف عن مالك عن عبد الله بن دينار إلى آخره، وأخرجه هنا عن أبي نعيم الفضل بن دكين عن سفيان بن عيينة عن عبد الله بن دينار... إلى آخره، وقد مر الكلام فيه هناك، والخلابة، بكسر الخاء المعجمة: الخداع.
8042 حدثنا عثمان قال حدثنا جرير عن منصور عن الشعبي عن وراد مولى المغيرة بن شعبة عن المغيرة بن شعبة قال قال النبي صلى الله عليه وسلم إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات ومنع وهات وكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال.
.
مطابقته للترجمة في قوله: وإضاعة المال. ورجاله ذكروا غير مرة، وعثمان هو ابن أبي شيبة، وجرير هو ابن عبد الحميد ومنصور هو ابن المعتمر، والشعبي هو عامر بن شراحيل.
وهؤلاء كلهم كوفيون، لكن سكن جرير الري. وفيه: ثلاثة من التابعين على نسق واحد، وهم: منصور والشعبي ووراد.
والحديث مر في كتاب الزكاة في: باب قول الله تعالى: * (لا يسألون الناس إلحافا) * (البقرة: 372). بأخصر منه، فإنه أخرجه هناك عن يعقوب بن إبراهيم عن إسماعيل بن أمية عن خالد الحذاء عن الشعبي.. إلى آخره. قوله: (عقوق الأمهات) أصل العقوق القطع كأن العاق لأمه يقطع ما بينهما من الحقوق، وإنما خص الأمهات بالذكر، وإن كان عقوق الآباء أيضا حراما، لأن العقوق إليهن أسرع من الآباء لضعف النساء، وللتنبيه على أن بر الأم مقدم على بر الأب في التلطف والحنو ونحو ذلك، ولأن ذكر أحدهما يدل على أن الآخر مثله بالضرورة، ولكن تعيين الأم لما ذكرنا. قوله: (ووأد البنات)، الوأد مصدر وأدت الوائدة ابنتها تئدها: إذا دفنتها حية، وقال ابن التين بإسكان الهمزة، وضبط ابن فارس بفتحها، وقال أبو عبيد: كان أحدهم في الجاهلية إذا جاءته البنت يدفنها حية حين تولد، ويقولون: القبر صهر، ونعم الصهر. وكانوا يفعلونه غيرة وأنفة، وبعضهم يفعله تخفيفا للمؤونة. قوله: (ومنع)، أي: وحرم عليكم منع ما عليكم إعطاؤه. قوله: (وهات) أي: وحرم عليكم طلب ما ليس لكم أخذه، وقيل: نهى عن منع الواجب من ماله وأقواله وأفعاله وأخلاقه من الحقوق اللازمة فيها، ونهى عن استدعاء ما لا يجب عليهم من الحقوق، وتكليفه إياهم بالقيام بما لا يجب عليهم، فكأنه ينتصف ولا ينصف، وهذا من أسمج الخلال، وقال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد بن حنبل: ما معنى منع وهات؟ قال: أن تمنع ما عندك فلا تتصدق ولا تعطي فتمد يدك فتأخذ من الناس. وقال ابن التين: وضبط منع، بغير ألف، وصوابه: منعا، بالألف لأنه مفعول حرم. قلت: صرح الكرماني بقوله: منعا بالألف حيث قال: فإن قلت: كيف صح عطفه أي: عطف هات على منعا ثم أجاب بقوله: تقديره هات وهات، إذ هو باعتبار لازم معناه، وهو الأخذ. انتهى. قلت: لأن معنى هات أعطني، ومن لازم العطاء الأخذ، تقول: هات يا رجل، بكسر التاء، وللاثنين: هاتيا، مثل إيتيا، وللجمع: هاتوا، وللمرأة: هاتي، بالياء، وللمرأتين: هاتيا
(٢٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 ... » »»