عمدة القاري - العيني - ج ١٢ - الصفحة ٢١٩
الراء: وهو الجماعة يشربون الخمر. قوله: قديرا، نصب على أنه مفعول لقوله: وعجل، والقدير المطبوخ في القدر. قوله: (فثار إليهما)، أي: إلى الشارفين، وثار من ثار يثور إذا قام بنهضة. قوله: (فجب)، بالجيم والباء الموحدة المشددة: أي قطع. قوله: (أسنمتها)، الأسنمة جمع سنام، ولكن المراد اثنان، وهذا من قبيل قوله تعالى: * (فقد صغت قلوبكما) * (التحريم: 4). والمراد: قلبا. كما قوله: (وبقر) بالباء الموحدة والقاف، أي: شق خواصراهما، والمراد: خصراهما، والخاصرة الشاكلة. قوله: (ثم أخذ من أكبادهما)، الأكباد جمع كبد، وإنما أخذ من أكبادهما وأخذ السنامين لأنا قد ذكرنا الآن أن العرب تقول: أطايب الجزور السنام والكبد. قوله: (قلت لابن شهاب)، القائل هو ابن جريج الراوي، وهو من قوله هذا إلى قوله: قال علي، ليس من الحديث، وهو مدرج وقوله: (قال علي)، هو ابن أبي طالب لا علي بن الحسين المذكور فيه، وذكره ابن شهاب تعليقا. قوله: (أفظعني) أي: خوفني. قال ابن فارس: أفظع الأمر وفظع: اشتد وهو مفظع وفظين ومادته: فاء وظاء معجمة وعين مهملة. قوله: (وعنده زيد بن حارثة)، أي: عند النبي صلى الله عليه وسلم، وزيد بن حارثة بن شراحيل القضاعي الكلبي، حب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومولاه، أصابه سباء فاشتري لخديجة، رضي الله تعالى عنها، فوهبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صبي فأعتقه وتبناه. قال ابن عمر: ما كنا ندعوه إلا زيد بن محمد حتى نزلت * (ادعوهم لآبائهم) * (الأحزاب: 5). وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين حمزة، قتل بمؤتة، رضي الله تعالى عنه. ودخول علي، رضي الله تعالى عنه، على رسول الله صلى الله عليه وسلم وزيد بن حارثة عنده فيه خصوصية به، وكانوا يلجأون إليهم في نوائبهم. قوله: (فتغيظ عليه)، أي: أظهر الغيظ عليه. قوله: (إلا عبيد لآبائي؟) أراد به التفاخر عليهم بأنه أقرب إلى عبد المطلب ومن فوقه. وقال الداودي: يعني أن عبد الله أبا النبي صلى الله عليه وسلم وأبا طالب عمه كانا كالعبدين لعبد المطلب في الخضوع لحرمته وجواز تصرفه في مالهما، وعبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم، والجد كالسيد. قوله: (يقهقر)، في محل النصب على الحال، ومعناه: رجع إلى ورائه. قوله: (وذلك قبل تحريم الخمر)، أي: المذكور من هذه القضية كان قبل تحريم الخمر، لأن حمزة، رضي الله تعالى عنه، استشهد يوم أحد وكان يوم أحد في السنة الثالثة من الهجرة يوم السبت منتصف شوال، وتحريم الخمر بعده، فلذلك عذره النبي صلى الله عليه وسلم فيما قال وفعل ولم يؤاخذه.
ذكر ما يستفاد منه: فيه: أن للغانم قد يعطى من الغنيمة بوجهين: من الخمس، ومن الأربعة أخماس، قاله التيمي. وفيه: أن مالك الناقة له الانتفاع بها بالحمل عليها. وفيه: جواز الاحتشاش. وفيه: سنة الوليمة. وفيه: إناخة الناقة على باب غيره إذا لم يتضرر به. وفيه: تبسط المرء في مال قريبه إذا كان يعلم أنه يحلله منه. وفيه: قبول خبر الواحد، لأن عليا، رضي الله تعالى عنه، عمل على قول من أخبر بفعل حمزة حين استعدى عليه. وفيه: جواز الاجتماع على شرب الشراب المباح. وفيه: جواز الغناء بالقول والمباح من القول وإنشاد الشعر. وفيه: إباحة السماع من الأمة. وفيه: جواز النحر بالسيف. وفيه: جواز التخيير فيما يأكله، كاختيار الكبد، وذلك ليس بإسراف. وفيه: أن من دل إنسانا على مال لقريبه ليس ظالما. وفيه: حل ذبيحة من ذبح ناقة غيره بغير إذنه. وفيه: جواز تسمية الاثنين باسم الجماعة. وفيه: جواز الاستعداء على الخصم للسلطان. وفيه: أن للإنسان أن يستخدم غيره في أموره، لأنه، صلى الله عليه وسلم دعا زيدا وذهب به معه. وفيه: سنة الاستئذان في الدخول واستئذان الواحد كاف عنه وعن الجماعة. وفيه: أن السكران يلام إذا كان يعقل اللوم. وفيه: أن الإمام يلقى الخصم في كمال الهيئة، لأنه صلى الله عليه وسلم أخذ رداءه حين ذهب إلى حمزة. وفيه: جواز إطلاق الكلام على التشبيه، كما قال حمزة: هل أنتم إلا عبيد آبائي؟ أي: كعبيد آبائي؟ وفيه: إشارة إلى شرف عبد المطلب. وفيه: علة تحريم الخمر من أجل ما جنى حمزة على الشارع من هجر القول. وفيه: أن للإمام أن يمضي إلى أهل بيت إذا بلغه أنهم على منكر فيغيره. وفيه: أن تضمين الجنايات من ذوي الأرحام العادم فيها أن يهدر من أجل القرابة، كما هدر علي، رضي الله تعالى عنه، قيمة الناقتين مع تأكيد الحاجة إليهما، وإلى ما كان يستقبله من الإنفاق في وليمة عرسه. وفيه: أن السكران إذا طلق أو افترى لا شيء عليه، وعورض أن الشارع وعليا تركا حقوقهما، وأيضا فالخمر كانت حلالا إذ ذاك، بخلاف الآن، فيلزم بذلك
(٢١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 ... » »»