عمدة القاري - العيني - ج ١٢ - الصفحة ١١٦
بنفسه، وعليه مال فإنه لم يأت به غرم المال، ويرجع به على المطلوب، فإن اشترط ضمان نفسه أو وجهه وقال: لا أضمن المال فلا شيء عليه من المال.
(قال أبو عبد الله وقال الليث حدثني جعفر بن ربيعة عن عبد الرحمن بن هرمز عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله أنه ذكر رجلا من بني إسرائيل سأل بعض بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار فقال ائتني بالشهداء أشهدهم فقال كفى بالله شهيدا قال فأتني بالكفيل قال كفى بالله كفيلا قال صدقت فدفعها إليه إلى أجل مسلمى فخرج في البحر فقضى حاجته ثم التمس مركبا يركبها يقدم عليه للأجل الذي أجله فلم يجد مركبا فأخذ خشبة فنقرها فأدخل فيها ألف دينار وصحيفة منه إلى صاحبه ثم زجج موضعها ثم أتى بها إلى البحر فقال اللهم إنك تعلم أني كنت تسلفت فلانا ألف دينار فسألني كفيلا فقلت كفى بالله كفيلا فرضي بك وسألني شهيدا فقلت كفى بالله شهيدا فرضي بك وأني جهدت أن أجد مركبا أبعث إليه الذي له فلم أقدر وإني أستودعكها فرمى بها في البحر حتى ولجت فيه ثم انصرف وهو في ذلك يلتمس مركبا يخرج إلى بلده فخرج الرجل الذي كان أسلفه ينظر لعل مركبا قد جاء بماله فإذا بالخشبة التي فيها المال فأخذها لأهله حطبا فلما نشرها وجد المال والصحيفة ثم قدم الذي كان أسلفه فأتى بالألف دينار فقال والله ما زلت جاهدا في طلب مركب لآتيك بمالك فما وجدت مركبا قبل الذي أتيت فيه قال هل كنت بعثت إلي بشيء قال أخبرك أني لم أجد مركبا قبل الذي جئت فيه قال فإن الله قد أدى عنك الذي بعثت في الخشبة فانصرف بالألف الدينار راشدا) مطابقته للترجمة في قوله فسألني كفيلا وأبو عبد الله هو البخاري نفسه وعلقه عن الليث بن سعد عن جعفر بن ربيعة ابن شرحبيل بن حسنة القرشي المصري عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج عن أبي هريرة ومضى هذا الحديث في كتاب الزكاة في باب ما يستخرج من البحر وعلقه فيه أيضا عن الليث عن جعفر بن ربيعة عن الأعرج ولكنه مختصر وكذلك ذكره معلقا عن الليث نحوه مختصرا في كتاب البيوع في باب التجارة في البحر وقد ذكرنا هناك أنه أخرجه أيضا في الاستقراض واللقطة والشروط والاستئذان ومر البحث فيه هناك مستقصى ونذكر هنا أيضا أشياء لزيادة التوضيح والبيان وقال بعضهم أنه ذكر رجلا من بني إسرائيل لم أقف على اسمه لكن رأيت في مسند الصحابة الذين نزلوا مصر لمحمد بن الربيع الجيزي له بإسناد له فيه مجهول عن عبد الله بن عمرو بن العاص يرفعه أن رجلا جاء إلى النجاشي فقال له أسلفني ألف دينار إلى أجل فقال من الحميل بك قال الله فأعطاه الألف وضرب بها الأجل أي سافر بها في تجارة فلما بلغ الأجل أراد الخروج إليه فحبسته الريح فعمل تابوتا فذكر الحديث نحو حديث أبي هريرة قال هذا القائل واستفدنا منه أن الذي أقرض هو النجاشي فيجوز أن يكون نسبته إلى بني إسرائيل بطريق الاتباع لهم لا أنه من نسلهم انتهى قلت انتهى هذا الكلام في البعد إلى حد السقوط لأن السائل والمسؤول منه كلاهما من بني إسرائيل على ما يصرح به ظاهر الكلام وبين الحبشة وبني إسرائيل بعد عظيم في النسبة وفي الأرض ويبعد أن يكون ذلك الانتساب إلى بني إسرائيل بطريق الاتباع وهذا يأباه من له نظر تام في تصرفه في وجوه معاني الكلام على أن الحديث المذكور ضعيف لا يعمل به فافهم قوله ' مركبا ' أي سفينة قوله ' يقدم ' بفتح الدال وهو جملة حالية قوله ' وصحيفة ' أي مكتوبا قوله ' زحج ' بالزاي والجيم قال الخطابي أي
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 ... » »»